خالد بن حمد المالك
لا يبدو أننا أمام اتفاق وشيك لنووي إيران، فالفجوة بين ما تطالب به أمريكا وما تصر عليه إيران ما زالت كبيرة، وبرأي المرشد الإيراني، فإن المقترح الأمريكي يتعارض مع سلطة طهران الوطنية، ما يؤجل الاتفاق إلى حين، ويجعل استمرار اللقاءات أمراً لا مفر منه، وربما دخلت روسيا كوسيط بناءً على طلب الرئيس ترامب.
* *
خطاب المرشد الإيراني الأخير جاء واضحاً وصريحاً ومتحدياً للتوجه الأمريكي، فلا إيقاف للتخصيب، ولا تفكيك للمشروع، ولا قبول لإملاءات أمريكا، ولا ثقة بها، وقرار إيران سيادي، ولن تتخلى عن مصالحها لإرضاء أمريكا.
* *
تخصيب اليورانيوم، وامتلاك إيران للقوة النووية، خط أحمر لا تقبل إيران بأن تتخلي أو تتنازل عنه، ليس من أجل إنتاج الطاقة فقط، بل لفوائده التي تسعى لها إيران، هكذا يرى المرشد، بوضوح لا لبس فيه.
* *
وبرأي المرشد الإيراني فإن الصناعة النووية تعتبر عديمة الفائدة دون القدرة على تخصيب اليورانيوم في إيران لا استيراده، مشبهاً ذلك بمن يمتلك النفط ولكن دون قدرته على تكريره على أرضه، يعني لديه نفط، لكن عليه شراء البنزين من الآخرين.
* *
إيران بحسب ما يراه ويصر عليه خامنئي ماضية في مشروعها النووي، ما لم تُنفذ مطالباها، برفع كامل العقوبات، والإبقاء على التخصيب لأغراض سلمية، ودون تفكيك للمشروع، وفيما لم توافق أمريكا على ذلك فلن يكون هناك أي اتفاق، حتى ولوكان الاتجاه إلى الحرب.
* *
الرئيس الأمريكي يبدو أنه يأخذ بمسار التهدئة، والتركيز على الحلول الدبلوماسية، ويقبل ببعض التنازلات لصالح إيران، تجنباً للحرب، مخالفاً بذلك التوجه الإسرائيلي، حيث تصر تل أبيب على ضرب المفاعل النووي الإيراني، حتى ولو تم ذلك بمفردها.
* *
هناك اجتماع قادم بين أمريكا وإيران، بوساطة من سلطنة عُمان، يُستكمل فيه الحوار والنقاش بين موقف أمريكي مرن، وتصلّب من إيران، ما يجعل الاجتماع القادم غير كاف عن اجتماعات أخرى لاحقة للتوافق بين الطرفين على حل.
* *
ومن مصلحة المنطقة والعالم أجمع تجنب الحلول العسكرية، وأن يكون البديل لها التوجه نحو المسارات السلمية، لأن أي حرب لإجبار إيران على القبول بإملاءات أمريكا وإسرائيل سوف تكون مدمرة ليس لإيران فحسب، بل لمساحات كبيرة في المنطقة.
* *
ولهذا فالمعالجة لأزمة النووي الإيراني يجب أن تنطلق من رؤية حكيمة، ونظرة واقعية، تنهي أي تفكير إيراني لإنتاج قنبلة نووية، ولا تحرمها من المفاعل النووي السلمي، وتكون تحت المراقبة الدولية، حتى لا تخل طهران بما تكون قد وافقت عليه.
* *
ومن منظور واقعي عقلاني، لقد طالت الأزمة، ولم تثن التهديدات والعقوبات على إيران، عن استمرارها في التخصيب، وحتى بالحوار والدبلوماسية لن يكون مقنعاً لإيران للقبول بحل ما لم يراع طلباتها، ودون ذلك فالمنطقة أمام حرب قادمة، وربما تمتد إلى ما هو أبعد من المنطقة.
* *
وعلى إيران أن تخفف من تشددها، ومطالبها، وتفكر جيداً بأن أي حرب لن تحمي مفاعلها، ولن تستثني منشآتها واقتصادها، وكل مراكز القوة فيها، ما يجب عليها أن تتجه نحو الحل السلمي وتجنيب البلاد حرباً مدمرة.
* *
وفي تقديري، ورغم كل التصريحات الإيرانية المتشددة، والإصرار الأمريكي على منع إيران من التخصيب، فإن الحرب لن تكون هي الخيار الأول للطرفين، إذ لا تزال هناك فرصة كبيرة وواسعة لتجنبها، بتنازلات من واشنطن وطهران.