د. سطام بن عبدالله آل سعد
في الوقت الذي سمح فيه الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» للأندية المشاركة في كأس العالم للأندية بتسجيل (35) لاعباً في قائمتها الرسمية، اختار اتحادنا المحلي أن يسير عكس التيار، محدداً سقف القائمة بـ(25) لاعباً فقط في دوري يُعدّ من الأطول والأصعب على مستوى القارة. وبينما قد يبدو هذا القرار من الخارج تنظيميًا أو إداريًا بحتًا، إلا أن تداعياته الفنية والصحية والاقتصادية أخطر مما يُتخيل.
الفرق الكبيرة تخوض أكثر من خمس بطولات في الموسم الواحد: دوري، وكأسين محليين، ومشاركات قارية، وربما عالمية. فكيف يمكن لمدرب أن يدير موسمه، ويُدوّر لاعبيه، ويُقلل من الإصابات، ويمنح الفرصة للمواهب المحلية، وهو مقيد بقائمة لا تكفي حتى لتغطية إصابات شهر واحد؟! هل المطلوب أن نُجهد اللاعب حتى يسقط، ثم نبحث عن بديل في يناير؟ أم أن نُقصي المواهب الشابة من المشهد لصالح الأسماء الجاهزة، لأن القائمة لا تسع الجميع؟
حصر القائمة بـ25 لاعبًا هو حكمٌ بالإعدام على سياسة التدوير، وضربٌ لمبدأ إتاحة الفرصة للاعبين السعوديين الذين يحتاجون دقائق لعب لا يمكن تحقيقها في قائمة ضيقة. كما أن ذلك يُعقّد من إدارة الحمل التدريبي والبدني، ويُسهم في رفع معدلات الإصابة والإجهاد المزمن، ويقلّص من فرص تعافي الفرق فنيًا عند تعثر النتائج، لأن البدائل محدودة.
الغريب أن هذا القرار يأتي في وقت تنادي فيه الكرة السعودية بتطوير مواهبها، وزيادة التنافسية، وتعزيز الحضور الآسيوي والعالمي. فهل نرفع سقف الطموح بيد، ونخنقه باليد الأخرى؟ هل نحن أمام قرار مدروس مبني على بيانات وقراءات فنية دقيقة؟ أم أنها تجربة مؤقتة، ننتظر نتائجها، ثم (نشوف وش يصير)؟
إن كان الهدف ضبط الإنفاق أو تقليل الكلفة التشغيلية، فهناك طرق أكثر كفاءة دون أن ندفع ثمنًا فنيًا باهظًا. أما إذا كانت الغاية تنظيمية بحتة، فالأجدر أن تُصمم بما يخدم اللعبة لا بما يُربكها. الكرة اليوم أصبحت علمًا وإدارة، لا مجال فيها للقرارات العشوائية أو المرتجلة.
ختامًا، نأمل من الاتحاد السعودي أن يُعيد النظر في هذا القرار، ويُدرك أن قائمة الفريق ليست مجرد أرقام، بل منظومة متكاملة تعكس الرؤية الفنية، وتُسهم في حماية اللاعبين، وتطوير المواهب، وتحقيق الإنجازات. فالقرار الذي لا يُراعي متطلبات الموسم، ولا يُحاكي المعايير العالمية، لا يمكن أن يكون خطوة نحو التطوير، بل قيدٌ يُقزّم الطموح.
خاطرة
كتبنا كل ما لدينا عن واقع المنتخب، بكل وضوح ومسؤولية، وعن الظروف الفنية والإدارية التي أثقلت مسيرته في تصفيات كأس العالم 2026. في المقابل، تأهلت منتخبات مثل الأردن وأوزبكستان، رغم غياب الأسماء اللامعة أو الدوريات القوية بحجم دوري روشن، وهو ما يطرح علامات استفهام أكثر مما يقدم أعذارًا. فاليوم، لا مجال للجدل بقدر ما نحتاج إلى مراجعة جادة وشجاعة. وعلى الرغم من كل ما سبق، نتمنى لمنتخبنا الوطني التوفيق في مواجهته القادمة أمام أستراليا، على أمل اللحاق بركب التصفيات عبر بوابة الملحق الآسيوي.