عبده الأسمري
وهب عمره للتنمية فكان «رجل الدولة» واسع «الخبرة» و»عقل المرحلة» بديع «المسيرة» الذي نال «سعة» السمعة في اتجاهات من «الأثر» ومجالات من «التأثير» التي ظلت ساطعة في متون «المناقب» وسامقة في شؤون «المآثر».
ما بين التجارة كتخصص والتعليم كمنطلق والرقابة كمنبر والحج والأوقاف كوزارة والاستشارة كاحتفاء والصحافة كمحفل وزع «بصائر» الإلهام وصنع «مصائر» المهام بفكر «مستنير» أضاء «قناديل» «الإنجاز» على مرأى «الوقع» وأمام بصر» الواقع» في سيرة تجلت في دهرين من الذاكرة أحدهما للأسبقية والآخر للأحقية.
أنه وزير الحج والأوقاف الأسبق والمستشار في الديوان الملكي معالي الأستاذ عبد الوهاب أحمد عبد الواسع أحد أبرز الوزراء والقياديين في الوطن.
بوجه «حجازي» وسحنة «مكية» تتجلى وسطها سمات «الوقار» وومضات «التواضع» وتقاسيم مسكونة بلمحات» حكمة تتوارد من عينين ساطعتين بنظرات «التروي» مع أناقة تعتمر «الأزياء الوطنية» ومحيا عامر بالحضور «الراقي» والتواجد «المهيب» في مواطن المسؤولية ومحافل التنمية ولغة فصيحة مشفوعة بمخزون «معرفي» ومكنون «فكري» قوامها عبارات «التوجيه» ومقامها اعتبارات «التخطيط» قضى عبدالواسع من عمره عقود وهو يملأ أفق «القرارات» بوقائع «التدبير» ويبني صروح «المنجزات» بحقائق «التنفيذ» ويؤصل «معاني» التربية ويسخر سبل «التفكير» ويعلي راية «الأولويات» ويحقق غاية «النهايات» تربوياً وقيادياً ووزيراً ومستشاراً نال وسام «الاستحقاق» بشواهد الذكر وحصد تاج «التكريم» بمشاهد الاستذكار.
في مكة المكرمة «البلد الأمين» موطن الرسالة ومهد الوحي ومنبع الطهر ولد في نهار توشح رداء «المسرات» في أوساط المكيين الطيبين الذين قدموا لأسرته المباركة والمشاركة وامتلأت «مرابع» عائلته» بتفاصيل «المقدم المبارك» على تراتيل «المساء» المفعم بالخيرات.
نشأ وسط أسرة «مكية» مشهورة بالعلم والمعرفة توارثت عبر السنين «واجبات» الفلاح وموجبات الصلاح فارتهن إلى «تربية أصيلة» أحاطته من جهات متعددة كانت بمثابة «اليقين» الذي بنى عليه «قوام» طفولته من عزائم «الطموح» ودعائم «التفوق» وتلقى من والده مناهج نصح باكر ومن والدته مباهج عطف مبكر اكتملاً في طريقه بالتوازي ليملأن دروبه اللاحقة بفضائل «الخلق» ومكارم «الرقي».
انتقل إلى جدة مولياً قبلة أحلامه «شطر» التعلم حيث التحق بالدراسة في «مدارس الفلاح» الشهيرة بتخريج «النابغين» حيث درس فيها المرحلة الابتدائية ثم عاد إلى أحضان «مكة المكرمة» أصل المنشأ وفصل التنشئة لإكمال دراسته في التعليم العام.
تعتقت نفسه بنفائس «الروحانية» وتشربت روحه أنفاس «السكينة» في جنبات «البيت العتيق» وركض صغيراً على ثرى مكة الطاهر مشفوعاً ببياض «الأفق» في مناظر الحجاج والمعتمرين وظل يمتع أسماعه بالألحان السماوية التي غمرت وجدانه من مكبرات «الحرم المكي» وظل يشحن ذاكرته بمعالم «التروحن» العميق في الصور الحية في خطوات وسكنات ودعوات «القائمين والركع السجود» والتي عطرت قلبه برياحين «المشاعر» ومضامين «الشعور» التي اكتملت «بدراً» في مسارب طفولته وتكاملت «أجراً» في مواقف حياته.
بدأ خطواته المثلى بين الأحياء المكية وظل يوثق عوالم «النسك» بنظراته الحالمة من على جبل الكعبة وأمام أحياء «الغزة وأجياد» مراقباً تلك الأوقاف الأولى التي استوقفت «المشهد» لتغمر الأنسان والمكان بدواعي «الصدقة» ومساعي» البركة» فترسخت في ذهنه قواعد راسخة من الرجاء والدعاء والسخاء التي شكلت له «ثلاثية» أولى لحصد ثمار العبادة وتحقيق استثمار الريادة بمطامح «النفس» وغنائم «التفاني».
واصل عبد الواسع دراسته المتوسطة والثانوية بمدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة «المنبع» العالمي والعلمي لتخريج عشاق العلا وأصحاب المعالي وبعد تخرجه طار إلى مصر لاستكمال دراسته الجامعية حيث حصل على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة عام 1372هـ وواصل المضي في طريق المعرفة حتى نال دبلوم المحاسبة الضريبية من معهد الضرائب العالي بالإسكندرية بمصر.
عاد إلى «أرض الوطن» محملاً بشهادات «التميز» وفي حقيبته خطط النماء ومشاريع الانتماء حيث خطبت وده «المسؤوليات» وتعين مديراً مساعداً للميزانية بوزارة المالية وقام فيها بعمل «منفرد» أرتبط بأسمه ثم انتقل إلى وزارة المعارف وعمل فيها بكل جد ونشاط وحيوية حيث تدرج في هيكلها التنظيمي من مدير عام الشؤون المالية في عام 1374هـ وترقي إلى مدير عام التعليم في عام 1378 ثم تم تعيينه على منصب وكيل وزارة مساعد في 1383هـ، ثم وكيل وزارة بعد ذلك بعام واحد ، وساهم في تطوير العديد من الرؤى والخطط المختلفة التي أسهمت في مستقبل «العمل التعليمي».
تجلى اسمه بكل ضياء وعطاء في مسار العمل الحكومي ودعته «الثقة الملكية» في عام 1391 حيث تم تعيينه على منصب وزير للدولة ورئيس لهيئة الرقابة والتحقيق.
وفي عام 1395هـ صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه وزيراً للحج والأوقاف، واستمر في عمله وحقق العديد من الإنجازات حيث ساهم في إعادة «هيكلة» الوزارة وفصل كل أمور الأوقاف عن شؤون الحج والمساهمة في إعمار المساجد في كل مدينة وقرية وتجهيزها مع ايجاد مباني إسكان للأئمة والمؤذنين وتحسين مكافآت الأئمة والمؤذنين وخدم المساجد وتوظيف أموال الأوقاف وفق الشريعة الإسلامية في بناء عمارات حديثة بالمدن الكبرى، وساهمت الأوقاف بمواقع عينية في شركة مكة للإنشاء والتعمير وإنشاء مطبعة الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وإنشاء عدد من المكتبات الوقفية وتطوير وتوسعة وتجديد مكائن مصنع الكسوة الشريفة واقامة المسابقة الدولية للقرآن الكريم بمكة المكرمة والاهتمام بتجديد وتوسعة وجمال بناء المساجد الأثرية وتوفير معهد لتمكين الخطباء والأئمة على الحصول على شهادة عليا متخصصة وإعادة ترتيب شؤون الحج في الجانب الإداري وما يتصل بالمطوفين والأدلاء والوكلاء ونظام تأديب أرباب الطوائف وذلك لمحاسبة المقصر منهم وايفاد بعثات معتمدة ومفوضة للتباحث في أمور حجاج دولهم وقام بإدخال نظام الحاسوب بمكتب الوكلاء وإقامة ندوة الحج الكبرى.
وفي شهر محرم عام 1414 صدر الأمر الملكي بتعيينه مستشارا بالديوان الملكي بمرتبة وزير، وقد ترأس مجلس إدارة مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر من عام 1411هـ إلى عام 1422هـ.
وشغل عضوية عدد من الهيئات والمؤسسات واللجان وقد مثل السعودية في العديد من المؤتمرات والندوات الداخلية والخارجية وصدر له عدد من المؤلفات العلمية والبحوث وحصل على العديد من الأوسمة والنياشين وشهادات الدكتوراه الفخرية.
انتقل عبد الواسع إلى رحمة الله في شهر ذو القعدة عام 1427هـ في جنيف بسويسرا وتم نقل جثمانه إلى أرض الوطن وقد عزا فيه رفقاء دربه ومسؤولي الدولة ورثاه العديد من موظفيه ومعارفه ونعته وسائل الإعلام واصفة سيرته بالمميزة والنوعية على المستويين «الشخصي» والعملي.
عبد الوهاب أحمد عبد الواسع.. رجل الدولة البارع صاحب المسيرة النوعية والسيرة المتنوعة والاسم البارز في قوائم الوجهاء ومقامات الفضلاء.