عبدالله إبراهيم الكعيد
لماذا أنتشي بالحديث عن الحج من الناحية التنظيمية وخصوصا الأمنية منها والمرورية؟ لأن لي خبرة متراكمة بهذا الشأن تشفع لي بالزهو والافتخار؛ فقد شاركت في تنفيذ خطط الحج المرورية منذ عام 1974 حيث كنت حديث التخرج من كلية قوى الأمن الداخلي آنذاك (الملك فهد الأمنية حاليا) وحتى مغادرتي الوظيفة الرسمية كضابط أمن عام سنة 1994.
حكاية إدارة مهمة الحج وتقديم كل ما يحتاجه حجاج بين الله الحرام بشكل احترافي وبكل كفاءة واقتدار يجب أن نرويها لكل العالم حتى يعرف الذين يدّعون إمكانية إدارتهم لتلك المهمة الجسيمة فيما لو لا سمح الله أن أوكلت لغيرنا (أقصد حكومة المملكة العربية السعودية بكافة أجهزتها ومؤسساتها).
بفضل من الله جلّت قدرته ثم بجهود رجال نذروا أنفسهم لخدمة حجاج بيت الله الحرام تتوالى النجاحات التنظيمية واللوجستية لمواسم الحج سنة بعد أخرى ويحرص أصحاب السمو الملكي وزراء الداخلية الذين تعاقبوا على تحمّل تلك المسؤولية العظيمة على إطلاع القائد الأعلى لكافة القوات المسلحة ملك البلاد خادم الحرمين الشرفين على كل خطوة تُقدّم لخدمة ملايين الحجاج وتطمينه بشكل متواصل عن أحوالهم.
أذكر في أحد المواسم وكنت برفقة مساعد قائد قوات أمن الحج لشؤون المرور اللواء (حينها) محمد بن رجا الحربي رحمه الله وبعد أن اكتمل دخول كافة الحجاج إلى صعيد عرفات في تمام الساعة التاسعة صباح يوم عرفة أن هرع إلى مقر إمارة منطقة مكة المكرمة في عرفات وكان مخيما بسيطا يتوسطه (كرفاناً) متواضعا يُشكلّ مكتب سمو أمير المنطقة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير ماجد بن عبدالعزيز آل سعود (رحمه الله) أوجز اللواء ابن رجا لسموه عن عملية دخول كافة الحجاج على صعيد عرفات واستقرارهم بكل طمأنينة في الأماكن المخصصة لهم.
تهلل وجه الأمير رحمه الله وكأنه يسمع بشارة سعيدة. رفع سموه من فوره سماعة جهاز الاتصال اللاسلكي وشكر كل من ساهم في نجاح الخطة، ثم أبرق لخادم الحرمين الشرفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله يُبشّره بما تم إنجازه.
كل ذلك كان بعيدا عن أعين الإعلام. الآن وأنا الكاتب الصحافي الشاهد على ذلك الحدث بكل تفاصيله جاز لي أن أسرد ما لم يطلّع عليه أحد إلا أولئك الأقرب للقادة الذين تفرغوا حرفيا لخدمة ضيوف الرحمن. هنالك حكاية أكثر إثارة لا يعرفها ايضا الاً القلة حول القرار التاريخي لتشييد جسر الجمرات قد يأتي الوقت المناسب لسردها.
صفوة القول: تضحيات كل من عمل ويعمل في خدمة حجاج بيت الله الحرام ليس لها هدف سوى رضا رب البيت الذي أمر سيدنا إبراهيم بأن يؤذن في الناس بالحج لمن استطاع إليه سبيلا.