العقيد م. محمد بن فراج الشهري
بتوفيق من المولى - عز وجل -، وبجهود جبارة خارجة عن المعتاد تم حج هذا العام في يسر وتيسير لحجاج بيت الله الحرام، وفي طمأنينة يرافقها أمن صارم وإجراءات فوق العادة لخدمة ضيوف الرحمن، وبدموع الفرح والخشوع، ودع ضيوف الرحمن من المتعجلين مكة بعد أن أدوا أطواف الوداع، معربين عن شكرهم للسعودية وقيادتها على ما تلقوه من خدمة وعناية، وتيسير لأداء المناسك، داعين الله أن يكون حجهم مبروراً وذنبهم مغفوراً، متضرعين لله أن لا يجعل هذا آخر عهد لهم ببيت الله الحرام، وبعد يا سادة يا كرام، لقد أخرست المملكة العربية السعودية كل الأصوات النابحة، وتجار الغوغائية، والإعلام الأسود الذي يظهر على وسائل السوشيال ميديا، من أكاذيب، وافتراءات، ودسائس، ليست بجديدة تعوّدنا عليها من أعداء أمة الإسلام الذين لا يريدون لهذه الأمة الخير، والذين جعلوا السعودية هدفاً لأكاذيبهم وافتراءاتهم واختلاق الأخبار الكاذبة والملفقة، والزائفة...
حتى الذكاء الاصطناعي، جعلوه لتزييف الخطابات الصادرة عن علماء الدين في المملكة، والمسئولين الكبار بطرق ووسائل مكشوفة وقذرة؛ الهدف منها التشويش على ما تقوم به المملكة من جهود جبارة ليس على مستوى الحج بل على جميع المستويات، ومحاولة العبث بوسائل التقنية واستغلالها بطرق تنم عن حقارة، وسخف، وحقد من جهات وأفراد جعلوا همهم الوحيد الطعن في إنجازات السعودية، على كافة المستويات، رغم كل ما تقدمه المملكة للإسلام والمسلمين، وكل ما تقوم به من جهود لإحلال السلام، والعدل، والتوازن مع الدول ذات الأهمية في استقرار السلم العالمي، لكن ذلك لا يعجب هؤلاء المرجفين، لأن أرزاقهم ستقطع فهم يعيشون على ما يمده لهم سادتهم من الذين ابتلي العالم الإسلامي بهم والأمة العربية على وجه الخصوص، لذلك اتجهوا للحج لينفثوا سمومهم، ويصدرون فتاوى تتعلق بالحج ليس لها علاقة بالشرع ولا الدين، ولا السنّة ولا أدري من أين خرج هؤلاء المفتون وأين تعلموا، وأين درسوا، هؤلاء هم حثالة المجتمعات الذين يدّعون العلم الشرعي ويفتون بغير ما أنزل الله وحسابهم عند رب العالمين سيكون عسيراً، على ما يتفوهون به من تفاهات لا يصدقها ولا ينتفع بها مسلم يعلم حقيقة دينه وإسلامه، هؤلاء هم أعداء الأمة الحقيقيون يضاف لهم الذين يستغلون الذكاء الاصطناعي للتدليس، والتزوير، وفبركة الخطابات والأحاديث، ولم يستغلوها لنصرة مسلم أو في أي عمل من أعمال الخير، هؤلاء هم فسقة المجتمعات الإسلامية والعربية، يضاف اليهم المنظمات الصهيونية التي أعدت الكثير من هذه الأعمال لصد المسلمين عن دينهم، وتشتيت الشمل وبث النعرات بين المسلمين وتشكيكهم في إسلامهم وعقيدتهم عبر وسائل الإعلام المختلف، وما نتج عنها من تطورات تقنية أخرى، المرجفون، النابحون في الإعلام العربي والإسلامي جعلوا هدفهم السعودية، لأنها رائدة، وصاحبة هيبة، وسمعة عالمية تعدت سمعتها وكلمتها وشخصيتها الكثير من دول العالم بما فيها الدول الكبرى، بل هي بحد ذاتها من الدول الكبرى التي يحسب لها حساب على كل الأصعدة الإسلامية والعربية، والعالمية، وكل ذلك لا يرضى أعداء الأمة الذين يحاولون الانتقاص من جهود السعودية، ومحاربتها عن طريق الإعلام الشاذ، وشواذ الأمة وأفّاقيها، أولئك الذين لا عمل لهم إلا السب، والشتم، وبيع الذمم، وهم من يديرهم لم يجنوا إلا الخيبة والخسران... وكم قالوا عن الحج هذا العام إلا أن الله فضحهملى رؤوس الأشهاد، فكان حجاً موفقاً بأمر الله، ثم بما قامت به حكومة المملكة العربية السعودية من جهود خارقة لا تقوم بها دول مجتمعة، نعم إن ما تخسره المملكة من أموال وجهود وما تنفقه يعادل ميزانية دول فهي تنفق أكثر من (200) مليار على مشاريع الحرمين، وأكثر من (40) ملياراً تكلفة تشغيل الحرم المكي والذين يقولون إن المملكة تستفيد من مداخيل الحج نقول لهم إن ما تستفيده لا يكفي (4000) ألف عامل يعملون في المشاعر على مدار الساعة، فما بالك بالقوات المشاركة من جميع القطاعات والمتطوعين، ثم إن أغلب مداخيل الحج تذهب في عدة أمور إضافية أخرى من ذلك تطوير الحرمين الشريفين، وتقديم الخدمات للحجاج، وصيانة المرافق، والأمن والإدارة، كما يخدم جزء من الإيرادات في تطوير البنية التحتية في مكة المكرمة، والمدينة مثل الطرق والمستشفيات.. وحج هذا العام حظي بنجاح باهر على مختلف الأصعدة الدينية، والأمنية، والصحية، وأكدت لغة الأرقام في حج هذا العام كل ما ذكرناه، كما شهد حج هذا العام خدمات وتقنيات تقدم لأول مرّة للتيسير على ضيوف الرحمن، ووظفت وزارة النقل السعودية أكثر من (32) تقنية خلال هذا الموسم ما بينها (18) تقنية جديدة، أبرز هذه التقنيات هي «التاكسي الطائر» و»الإسفلت المطاطي» و»النظارة التفتيشية»، إلى جانب خدمات سابقة مثل الطرق المبرّدة، واستخدام الطائرات المسيّرة «الدرونز» وخدمة حج بلا حقيبة، وترجمة خطبة عرفة والوصول إلى (621) مليون مستفيد ومستمع، في رقم هو الأكبر في تاريخ الشؤون الدينية للحرمين الشريفين.
وعلى صعيد ذي صلة بأمن وأمان الحجاج، شهد هذا العام جهاز «ترجمان» الذي يتول ترجمة أقوال المهتمين ترجمة فورية بنسبة خطأ لغوي لا يتجاوز «%» لأول مرّة في هذا الحج، وفي النواحي الصحية حدّث ولا حرج أكثر من (40) ألف كادر صحي، حيث تم تجهيز أكثر من (170) مستشفى ومركزاً صحياً وعيادة مستقلة، باستيعاب سريري يزيد على (700) سرير بكوادر طبية، وفني، وإدارية، ومتطوعين تجاوزوا (40) ألفاً وبسيارات إسعاف تزيد على (380) سيارة و(8) طائرات إسعافية و(13) مختبراً و(70) شاحنة لتوفير أكثر من (1900) بند طبي، وفي خطوة نوعية (4) مستودعات طبية متنقلة موزعة في المشاعر المقدسة، والذي لا يعلمه المرجفون والكاذبون، والأفّاقون، أن الكثير من الحجاج القادمين للمملكة من كبار السن وغيرهم يأتون وهم بحاجة إلى علاج وعمليات قلب وأمور أخرى مكلفة للغاية لم يستطيعوا عليها في بلادهم وتتحملها السعودية..
أكثر من نصف مليون حاج تلقوا خدمات صحية متنوعة، وتم إجراء (30) عملية قلب مفتوح وأكثر من (800) عملية قسطرة قلبية، بالإضافة إلى أكثر من (1200) جلسة غسيل كلوي والعديد من الخدمات الأخرى فماذا بقي لدى المرجفون ليقولوه عن السعودية..
نعلم أنه لم يعد لديهم ما يقولونه فقد أخرست السعودية كل متسول يتشدق بما يمليه عليه خونة الأمة وشواذها ولكن بأمر الله تم الحج في أمن وأمان وتنظيم مثالي للغاية، وكفاءة، ومقدرة يشهد بها العالم كله فلله الحمد والمنّة وله الشكر، وبيَّض الله وجه كل من شارك في إنجاح هذه المهمة وجزاهم خير الجزاء، والشكر لمولاي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، ولقواتنا المسلحة بكافة قطاعاتها ولكافة الوزارات المعنية، ولكل من تطوع لخدمة ضيوف الرحمن، ونسأل المولى أن يديم على هذا البلد أمنه واستقراره وأن يحفظه من كيد الكائدين وشرور المرجفين، وأن يديم عليه الخير والنماء، والتوفيق من الرحمن، وعشت يا وطني قبلة للإسلام والمسلمين ورائداً للسلام في كل عام.