د. سامي بن عبدالله الدبيخي
تطرقنا في مقالنا السابق إلى إطلاق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - خريطة العِمَارَة السعودية بطرزها المعمارية التسعة عشر إبرازًا للإرث الحضاري الثري والعريق للمملكة وتحقيقًا لمستهدفات الرؤية السعودية 2030.
وقد خصصنا جزءًا منه للحديث عن عمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة التي حظيت بأولوية إطلاق هذه الخريطة ضمن مدن المجموعة الأولى.
وفي هذا الإطار فقد أعدت الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة دليلين للموجهات التصميمية لعمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة. وقد أُرفق هذان الدليلان بنموذجين للحصول على شهادة الامتثال: إحداهما قائمة بمتطلبات التقديم على شهادة الامتثال لتطبيق عمارة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، والأخرى قائمة التحقق من الامتثال لتطبيق الموجهات التصميمية لهذه العمارة.
تبرز هذه الموجهات التصميمية تاريخ مكة المكرمة وثقافتها لتعزز روح المكان وتحسن المشهد الحضري والبيئة العمرانية من خلال التكامل بين الأصالة والمعاصرة مع التركيز على إبراز روحانية المكان واستدامة المدينة.
تتلخص الموجهات التصميمية لعمارة مكة والمشاعر في أربعة فصول تبدأ باستعراض المحاور التوجيهية أين تتحدد القيم والمبادئ الأساسية التي يجب أن تدعمها مشاريع التطوير الجديدة. تليها نطاقات التطوير حيث يتم وصف المواقع الجغرافية والمكونات العمرانية الأساسية. ويبرز الفصل الثالث مصادر عمارة مكة المكرمة والمشاعر لتساعد في اقتراح لغة التصميم واستلهام الأفكار من هذه المصادر. ويتضمن الفصل الرابع الإرشادات الوقائية التي يتعين تفاديها تجنبًا لأخطاء التصميم الشائعة التي عادة ما تشوه المكان وأصالته.
تركز الموجهات التصميمية على أن تدعم المشاريع المدرجة المحاور التوجيهية لتطوير مدينة مكة المكرمة وتساند احتياجاتها الأساسية كالحج والعمرة على وجه الخصوص. كما يتعين لأي مشروع أن يعزز المكانة الدينية للمدينة باعتبارها حرمًا آمنًا. وعليه لا ينبغي لأي مشروع أن يطغى على أي مكان في المدينة بل يجب أن يبرز الشعور بالتواضع أمام هيبته وقدسيته ليبعث الإحساس بالخشوع والنقاء.
وينبغي أيضًا أن يستجيب المشروع بشكل مناسب لظروف المناخ والطبيعة مع مراعاة خصوصية المكان وسياقه العمراني الفريد. وهذا كله يستدعي أن يستخدم المصادر المناسبة لعمارة مكة المكرمة والمشاعر بحرفية ومهارة مع الحرص على أن يقام المشروع في الموقع الأنسب ضمن النسيج العمراني للمدينة ليساهم في تيسير الانتقال بين مناطقها وأحيائها مع احترام المناظر الطبيعية وتوفير إطلالات جيدة عليها. كما يتعين على المشروع أن يساعد على تشكيل فراغ عام جيد ومريح على مستوى الطابق الأرضي ومشهد حضري جميل وجذاب.
وهنا لا بد من التحذير من الوقوع في الاستخدام الفلكلوري والمعالجة السطحية لبعض المصادر المحلية كالزخارف والمواد والمفردات التصميمية التراثية ولهذا جاءت الإرشادات الوقائية لتفادي الوقوع في مثل هذا الفخ.