ريم المطيري
تُعد السياحة أحد المحاور الرئيسة التي أولتها رؤية المملكة العربية السعودية 2030 اهتمامًا بالغًا، في إطار سعيها لتنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط. وقد شهد عام 2024 تقدمًا ملحوظًا في تحقيق مستهدفات الرؤية في هذا القطاع، إذ تجاوز عدد الزوار الدوليين 100 مليون زائر، وهو إنجاز لافت تحقق قبل ست سنوات من الموعد المستهدف في عام 2030. ويعكس هذا الإنجاز حجم التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة، ومدى جدية الخطط الإصلاحية الطموحة.
ويمكن قول إن هذا التقدم يعود إلى عدة عوامل متكاملة. أولاً، تبنت الحكومة السعودية سياسات إصلاحية شاملة لدعم القطاع السياحي، من خلال تسهيل إصدار التأشيرات السياحية الإلكترونية، وتوسيع نطاق التأشيرة عند الوصول إلى عدد كبير من الجنسيات. وثانيًا، استثمرت المملكة بشكل ضخم في تطوير البنية التحتية السياحية، بما في ذلك إنشاء مشروعات ضخمة مثل «نيوم»، و«مشروع البحر الأحمر»، و«الدرعية»، إلى جانب تحسين وتوسعة المطارات الدولية والمحلية.
كما ساهم إطلاق فعاليات كبرى مثل «موسم الرياض» و«موسم جدة» في تعزيز الحراك السياحي الداخلي والدولي، مما أتاح للزوار تجربة ثقافية وترفيهية متميزة. أضف إلى ذلك أن الحملات الترويجية الدولية التي نظمتها الهيئة السعودية للسياحة لعبت دورًا بارزًا في تحسين صورة المملكة كوجهة سياحية عالمية تجمع بين التراث الأصيل والمعاصرة.
ولا يمكن إغفال الدور الحيوي الذي لعبه المواطن السعودي في تحقيق هذا التقدم. فقد كان الانفتاح السياحي مصحوبًا بوعي مجتمعي متنامٍ بأهمية استقبال الزوار والترحيب بهم. وبرزت مبادرات متعددة لتعزيز ثقافة الضيافة، وتقديم خدمات سياحية ذات جودة عالية، من خلال تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية للعمل في قطاعات الضيافة والإرشاد السياحي والترفيه.
كما ساهمت مشاركة الشباب السعودي في ريادة الأعمال السياحية، عبر إنشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة تدعم السياحة المحلية، في إثراء تجربة السائح وتعزيز استدامة القطاع. وأصبح المواطن شريكًا فعّالًا في تحقيق أهداف الرؤية، عبر ممارساته اليومية التي تعكس قيم التسامح والانفتاح الثقافي.
إن ما تحقق في قطاع السياحة حتى عام 2024 ليس إلا بداية لمسار طموح يستهدف جعل المملكة من بين أبرز الوجهات السياحية عالميًا بحلول 2030. ويؤكد النجاح المتحقق أن الاستثمار في الإنسان، والبنية التحتية، والسياسات الذكية، يشكل الركائز الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة. ومع استمرار الشراكة الوثيقة بين الدولة والمواطن، تبدو آفاق المستقبل للسياحة السعودية أكثر إشراقًا، ودليلاً حياً على أن رؤية 2030 تتحول من حلم إلى واقع ملموس.