سمر المقرن
حين نقول إن الرجولة ليست مجرد جنس، بل هي سلوك، فنحن نحرِّر المعنى من قيوده البيولوجية، ونمنحه بعدًا أخلاقيًا وإنسانيًا. الرجولة الحقَّة لا تُقاس بلحية أو بنبرة صوت، بل تُقاس بالموقف، بالصدق، بالقدرة على التحمّل، بحماية الضعيف، والوقوف مع الحق. الرجولة أن تكون كريمًا حين يشتد البخل من حولك، وأن تكون شجاعًا حين يهرب الجميع.
لكن إذا كانت الرجولة سلوكًا، فهل الأنوثة في هذه المعادلة مجرد شكل؟ هل هي انتقاص كما يظن البعض؟
الجواب هو: لا.
الأنوثة ليست نقصًا ولا ضعفًا، بل كمال من نوع آخر. الأنوثة هي أيضًا سلوك، وهي لا تقل قيمةً ولا قوةً عن الرجولة، لكنَّها تمارس قوتها بلغة مختلفة. في مجتمع يربط الأنوثة بالضعف والرجولة بالقوة، نحتاج أن نعيد تعريف المفاهيم.
الأنوثة لا تعني الاستسلام، بل الذكاء العاطفي، الحنان الذي يداوي، الحدس الذي يفهم، والصبر الذي لا يُهزم. كم من امرأة حملت بيتها على أكتافها، وكم من أم وقفت شامخة أمام أوجاع الحياة لتبني لأطفالها حياة أفضل. هذه ليست «رجولة» منها، كما يصفها البعض، بل أنوثة واعية، قادرة، ناضجة.
المشكلة الحقيقية ليست في الرجولة ولا في الأنوثة، بل في تصورات المجتمع، حين يجعل من الرجولة مرادفًا للقوة فقط، ويجعل من الأنوثة مرادفًا للضعف فقط. في الحقيقة، كل منهما يحمل قوة مختلفة، ومهمة مختلفة، ولا يمكن لأيٍّ منهما أن يُلغِي الآخر أو يحلّ محله.
نحتاج إلى ثقافة جديدة، تفهم أن الإنسان يُقاس بأخلاقه، لا بجنسه، وأن الأنوثة ليست نقيض الرجولة، بل شريكتها في بناء التوازن، والحياة، والكرامة.