خالد بن عبدالرحمن الذييب
نعيش أحياناً رتابة في حياتنا لا نعلم كيف بدأت ولا نعلم كيف ستنتهي، نحتاج فيها أحداً مثل شمس. لست مؤمناً بكل أفكار جلال ولا ما زرعه فيه شمس، ولكن الحديث عن الحالة، حالة اللقاء، حالة الإنسان الذي ينير لك الطريق ويغير حياتك، حالة الإنسان الذي يكشف لك ضوءاً إلى طريق أخر.
نحتاج أحياناً شمساً مثل شمس لا أن يغير مبادئنا، فهي ليست دعوة لتكون عقولنا مثل ريشة في مهب الريح يحركها كل من هب ودب، لكن نريد من يقول لنا «إصحى»، «استيقظ»، أحياناً نريد من يقول لنا شيئاً مع أننا لا نحتاج شيئا.
نحتاج أحداً مثل شمس لنسيح معه سياحة فكرية، سياحة لا نهاية لها، ونحذف معه نقطة من «سياحة» لنسبح معه في تيارات فكرية ونصارع البحر بتساؤلات نغرق من بعضها ونرقى فوق بعضها، فالحياة ليست إلا موجات تعلو وتهبط وأفكار تقلع وتنزل، بعضها نطير معها في رحلة هادئة، نطل خلالها من نافذة التأملات ونرى سحب الفكرة وغيوم المجهول، ليسقط منها مطر التساؤلات.
نحتاج أحداً مثل شمس لنعلو معه في رحلة مختلفة وكأنك طائرة تصادفها المطبات الهوائية، ومع علمك أن هذه المطبات لا تصيبك بمكروه بحول الله إلا أن اهتزازتها تكفيك رعباً عن ركوب الطائرة مرة أخرى، وكذلك التساؤلات والنقاشات الفلسفية، نعلم علم اليقين أنها مجرد أسئلة.
في حياتي أحتاج أحداً مثل شمس، يسلب عقلي، وتفكيري، رجلا يفتح أفاقاً أغلقت، وأبوابا أوصدت، رجلاً لا يدلني على الطريق ولكن يدل الطريق إليّ..
نحتاج رجلاً مثل شمس، ليقلب حياتنا رأساً على عقب، فالعقب أحياناً يكون هو الرأس، والرأس ليس إلا عقب.
نحتاج رجلاً مثل شمس تدار عقولنا برحى عقله، وننشد معه كما أنشد الحلاج يوماً...
يا نسيم الروح قولي للرشا... لم يزدني الورد إلا عطشا..
لي حبيب حبه وسط الحشا... إن يشا يمشي عل خدي مشى...
نحتاج أحداً مثل شمس لنهتف معه كما نُسٍبَ عن رابعة يوماً: أحبك حبين... حب الهوا وحب لأنك أنت أهل لذاك.
أخيراً...
نعيش حياتنا معتقدين الكمال، إلى أن يأتي أحدٌ مثل شمس ليوضح لنا أن الكمال هو النقص.
ما بعد أخيراً...
الإحساس بالكمال نقص، والاعتراف بالنقص تمام الكمال...
شمس... هل تسمعني؟