خالد بن حمد المالك
حدثت تطورات مهمة خلال اليومين الماضيين أزعجت إسرائيل، وتحول وزيران في حكومتها إلى وحشين، وتصرفا كما يتصرف المجانين، وكان هذا رد فعل غاضب على تجريم وإصدار عقوبات بحق وزير المالية ووزير الأمن القومي في حكومة نتنياهو المتطرفة من جهة، وإلى دعوة عدد من الدول الغربية إلى قيام دولة فلسطينية من جهة أخرى.
* *
ومع الاعتراف الغربي بأن حل الدولتين معرض للخطر بسبب عنف المستوطنين المتطرفين والتوسع الاستيطاني، فإن بريطانيا وكندا ونيوزيلندا والنرويج وأستراليا تقف مع قيام دولة فلسطينية، بل إن بريطانيا قالت: إنها ملتزمة التزاماً راسخاً بحل الدولتين، كما صرح بذلك -نصاً- وزير خارجيتها.
* *
وبالتزامن مع ذلك، فقد اتخذت بريطانيا قراراً مهماً بإصدار عقوبات على بن غفير وسموترتش الإرهابيين، بسبب تحريضهما على العنف، وانتهاك حقوق الإنسان بشكل مروّع، ليضاف ذلك إلى توجه الدول الخمس في الدعوة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما ضيق الخناق على إسرائيل، وأربك سياستها العدائية، رغم استمرارها في حرب الإبادة.
* *
كان الموقف الأمريكي صادماً كالعادة، فقد ظهر القلق الأمريكي من أن قرار الدولة الفلسطينية سوف يزيد من عزلة إسرائيل، وأن قرار العقوبات - بحسب تصريح الخارجية الأمريكية - لا يساعد على وقف إطلاق النار في غزة، وأن الأحق بالعقوبات هي حركة حماس لا الوزيرين، بينما سارع السفير الأمريكي لدى إسرائيل بالرد على تبني بعض الدول قيام دولة فلسطينية بالقول: بأن أمريكا لم تعد تدعم قيام دولة فلسطينية، وربما لن يحدث هذا، وقد تكون هناك دولة فلسطينية ولكن في مكان آخر.
* *
وفي ظل هذه التطورات طالب الرئيس الأمريكي من رئيس وزراء إسرائيل إيقاف الحرب في غزة، لأن الحرب استنفدت نفسها، حتى بدون الأخذ بالصفقة المطروحة من ويتكوف، وطالب بأن يتم إطلاق الرهائن، وأن تتماشى المساعدات مع المعايير الإنسانية، فيما توعد وزير مالية العدو الإسرائيلي بمزيد من الاستيطان، ضمن اجراءات من جانبه ومن جانب وزير الأمن القومي في حكومة إسرائيل.
* *
ما يريده الفلسطينيون والأحرار في العالم أن تُترجم أقوال الدول الغربية إلى أفعال، وأن يُضيق الخناق على الدولة اليهودية، وتُلزم تل أبيب بقوة النظام الدولي بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وهذا يقتضي أن تتخلى أمريكا عن دعمها الأعمى لإسرائيل، وما لم تفعل واشنطن ذلك فإن إسرائيل سوف تواصل تمردها وعدم التزامها بقرارات الشرعية الدولية.
* *
إن خيار قيام الدولة الفلسطينية، رغم كل التعقيدات وحجم المؤامرة والمخططات الخبيثة لا مفر منه، ولا يمكن أن تُخلى فلسطين من أصحاب الحق في الأرض وعددهم بالملايين من الفلسطينيين، كما لا يمكن أن يستتب السلام والأمن دون قيام دولة فلسطينية، فالحقوق لا تضيع طالما بقي من الفلسطينيين من يطالب بها، مهما غُدر بهم، وتآمر عدوهم عليهم، ونكّل بالأحرار والثوار منهم.