عبدالرحمن العطوي
غادر حجاج بيت الله الحرام مكة المكرمة عائدين لديارهم في شتى أقطار الأرض؛ بعد أدائهم مناسكهم في جو روحاني مفعم بالإيمان تفرغوا لأداء هذا الركن من أركان الإسلام بكل يسر وطمأنينة، في ظل منظومة خدمات وتسهيلات متكاملة لهؤلاء الضيوف، حيث أعلن عن نجاح موسم حج هذا العام 1446هـ.
نجاح كبير بكل المقاييس شهده العالم ولمسه الحاج على هذه الأرض المباركة، حيث نقلت عدسات التلفزة في مختلف دول العالم عبر مراسليها الذين كانوا في الميدان هذه التسهيلات وإدارة الحشود المليونية التي تتحرك في زمن محدود، وتتنقل في بقعة محدودة بانسيابية وسلاسة، إجراءات مدعومة بتقنيات حديثة ومنظومات ذكية ساهمت بشكل عالي الدقة في متابعة تنظيم تلك الحشود وتنقلها بين المشاعر من مشعر منى إلى مشعر عرفة والنفرة إلى مزدلفة والمبيت فيها ومن ثم رمى الجمرات. هذا التنظيم الاستثنائي في ظل متابعة دقيقة ولحظة بلحظة من قادة هذه البلاد الذين حملوا لقب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الذي أشرف ميدانياً على تلك الخدمات التي هي ليست جديدة على هذه البلاد، لكنها في كل عام تتطور وفق برامج ومستهدفات رؤية المملكة 2030 وهذا التغير والتطور يستشعره كل حاج في كل عام، حيث تتعامل هذه القيادة الحكيمة مع موسم حج كل عام كمشروع سيادي تشارك فيه كوادرها المدربة والمؤهلة في قطاعاتها في مختلف أجهزة الدولة مدنية وعسكرية وفق منهج الحكومة المتكاملة، وهذه النجاحات التي أشاد بها حجاج بيت الله الحرام أنفسهم فهم من شعروا واستشعروا تلك الجهود المبذولة، حيث يقف على كافة عمل هذه القطاعات وزراؤها بأنفسهم يتابعون عمل وزاراتهم ويوجهون منسوبيهم.
كذلك منظومة الخدمات الصحية التي قدمت للمستفيدين منها من حجاج بيت الله الحرام، حيث أعلنت وزارة الصحة عن إجراء 18 عملية قلب مفتوح و248 عملية قسطرة قلبية و5619 حالة تم تنوميها في المستشفيات لهؤلاء الحجيج ومراجعة أكثر من 80 ألف حاج لكافة مراكز ومستشفيات وزارة الصحة في المملكة، مع وجود أكثر من 5 آلاف متطوع ومتطوعة في المستشفيات والمراكز الصحية من أبناء هذا الوطن، كما كان لخلو هذا الموسم بفضل الله ثم للعناية الصحية واشتراطات اللقاحات للحجاج أن خلا من أية أمراض معدية أو أي وباء متفشٍ بين ما يقارب المليوني حاج.. كل ذلك لم يأت من فراغ بل كان وراءه جهود عظيمة تقف خلفها قيادة حكيمة في تلك الخدمات والتسهيلات.
وهنا أقتبس مما كتبه رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأستاذ خالد المالك في هذه الصحيفة في مقاله حشود مليونية في مكة المكرمة (هي المملكة. تنفق على خدمة الحرمين من ميزانيتها دون أن تطلب مساعدة.. أو مشاركة في النفقات أو عوناً في التنظيم والاستعدادات. فقد خصَّها الله وحدها بخدمة الحرمين الشريفين وخصَّت نفسها بالأجر والثواب، والرضا من رب العالمين).
كما أن للعقوبات الصارمة التي أعلنت عنها وزارة الداخلية بحق مخالفي التعليمات التي تقضي بالحصول على تصريح لأداء الحج، الأثر الكبير في القضاء على الكثير من السلبيات التي كان خلفها هؤلاء المخالفون وكذلك الحملات التوعوية الإعلامية ووصول تلك الحملات التوعوية لدول العالم وتناقلها عبر وسائلهم الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في القضاء على تلك السلوكيات، وكذلك الرصد الأمني واستخدام التقنية في تتبع مسارات وعرة لدخول المخالفين مما ساهم في ضبط المخالفين وتطبيق العقوبات بحقهم.
أدام الله على هذا الوطن هذه النعم وهذا الفضل في خدمة الحرمين الشريفين وزائريه من حجاج ومعتمرين.. وحفظ لهذا الوطن قيادته الحكيمة التي تتشرف بخدمة ضيوف الرحمن وتسهيل أدائهم نسكهم منذ قيام هذه الدولة وحتى يومنا هذا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.