عبدالعزيز صالح الصالح
تحتل المملكة العربية السعودية، عبر التاريخ الإسلامي، مكانة فريدة من نوعها، بين دول العالم الإسلامي، وذلك من أجل خدمة كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتعد هذه الخدمة بمثابة مفخرة عظيمة لا تضاهيها أي مفخرة وتظهر هذه الخصوصية التاريخية في وجود أقدس مكان على وجه الكرة الأرضية قاطبة، حيث تبذل المملكة العربية السعودية جهود جبارة، في تقديم كل ما هو ممكن من أجل خدمة ضيوف الرحمن ومساعدتهم لأداء مناسكهم على أحسن وجه، فترجمت تلك الخدمات بمشروعات متعددة توسعة الحرمين الشريفين وإقامة الانفاق المتعددة التي اخترقت الجبال الصماء في مكة المكرمة، وذلك من أجل تقريب المسافات بين الأحياء والمسجد الحرام وإحداث الطرق الحديثة والمواصلات المتعددة التي تربط كافة المدن المقدسة بمنافذ البلاد
كل ذلك لتيسير السبل لإقامة الشعائر ورعاية ضيوف الرحمن ولا شك أن أفضل وأبرز معالم التوسعة والتطوير التي عرفتها مكة المكرمة بحرمها ومشاعرها في منطقة الجمرات حتى يتمكن ضيوف الرحمن من رمي الجمرات بكل يسر وسهولة حتى تتم عملية الرمي بانسيابية عالية حول محيط احواض الرمي وخفض كثافة الحجاج عند مداخل الجسر مما ساعد وساهم في خدمة وسلامة وأمن ضيوف الرحمن إلى جانب توسعة المسعى بما يكفل للحجاج تأدية ركن السعي بين الصفا والمروة في ظروف مريحة وآمنة مما يجعل كل حاج على هذه الأرض المباركة والمقدسة يشعر بالهدوء والراحة والسلامة والاطمئنان وكانت توسعة المسعى - حلماً يراود الكثير والكثير من ضيوف الرحمن - فقد تعددت العناية بالمسجد الحرام من كافة الجوانب وشملت التوسعة والبناء والعمارة والتشغيل والصيانة المستمرة وغيرها من الخدمات مع مراعاة بنيانها وبهائها وجمالها - فقد سخرت حكومة خادم الحرمين الشريفين كافة الإمكانات والطاقات خدمة للإسلام والمسلمين، وكل زائر وحاج ومعتمر يلمس هذه الجهود الجبارة على أرض الواقع وحكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لن تدخر وسعاً لإنجاز كل ما من شأنه خدمة لضيوف الرحمن لراحتهم وسلامتهم، ولكن يجب على كل حاجة أو معتمر أن يتحلى بالوعي الراقي بأنه في بيت الله الحرام وفي اقدس مكان في العالم، ويحتاج منه السكينة والطمأنينة والخضوع والخشوع والاذعان لله سبحانه وتعالى وانخفاض الرأس، وهذه كلها أمور أساسية فالبعض من هؤلاء الحجاج لا يستشعرون عظمة ذلك المكان المقدس فالجهات المعنية على بيت الله الحرام تطالب كل حاج أن يكون أكثر تعاوناً وأكثر قدرة على الوعي مما يسهل أمر هذه الطاعة والزيارة لهذه الأماكن المقدسة حتى تصل الجهات المعنية إلى الهدف النبيل وهو راحة الحجاج كافة - فكان الحاج في السابق يأتي إلى هذه الأماكن المقدسة ويؤدي النسك بطريقة سهلة ومنظمة ومنضبطة ومدركاً ما حوله وكان يسير بوضع لا يشعر به أحد، ولكن الغالبية من هؤلاء الضيوف مع الأسف الشديد يحتاجون إلى توعية وتثقيف وارشاد لأنهم يفتقدون إلى الوعي. فالمملكة العربية السعودية تنطلق من دورها الريادي ومن منطلق إسلامي دعوي فالمسلمون قاطبة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
وخادم الحرمين الشريفين يسعى جاهداً بكل ما يملك على وحدة الصف الإسلامي وجمع الكلمة ومد جسور التواصل بين إخوانه القادة والرؤساء وكلهم مطالبون بهذا الدور الإسلامي الكبير لخدمة هذا الدين ورفعة الإسلام، وتعتبر مثالاً على الإستراتيجيات الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين – كما قال الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} سورة آل عمران آية (103).
فإن جهود خادم الحرمين الشريفين حفظه الله في خدمة الإسلام جهود كبيرة داخل البلاد وخارجه، وهذا أمر ملموس وواضح وكل من ذهب إلى أي مكان في العالم الإسلامي يجد هذه الجهود الجبارة على أرض الواقع. كما قال تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} سورة البقرة آية (261).
هذه المشاريع العملاقة التي تحظى بها هذه الأماكن المقدسة قد حققت مقاصد الشريعة الغراء، كما أن فيها من الرفق بالحجاج والمعتمرين مالا يخفى على أحد..
أسأل الله أن يبارك في جهود خادم الحرمين الشريفين ويجزيه عن المسلمين والمعتمرين، وحجاج بيت الله الحرام الجزاء الأوفى.