عبدالمحسن بن هداب الهداب
عند إصدار أي نظام جديد، فإن من الضروري ألا يترك هذا النظام مجالاً للتعارض أو الالتباس مع الأنظمة السابقة، فقد يكون من المناسب الإشارة إلى إلغاء ما يلزم إلغاؤه من أحكام سابقة، وعدم الاكتفاء بعبارات عامة مثل: «يُلغي هذا النظام كل ما يتعارض معه من أحكام سابقة» دون الإشارة إلى المواد أو الأحكام الملغاة بشكل محدد. فحين لا يتم تحديد المواد الملغاة بشكل صريح، قد تبقى بعض الجهات المعنية، عن جهل أو اجتهاد غير موفق، تعتمد على تلك المواد في تنفيذ مهامها وبرامجها، مما يؤدي إلى تنفيذ مشاريع وبرامج حكومية استنادًا إلى مواد لم تعد متوافقة مع السياسات والتشريعات الجديدة. وصرف ميزانيات على إجراءات تنظيمية أصبحت منتهية الصلاحية. وازدواجية في المرجعيات القانونية، مما يؤدي إلى تضارب القرارات واختلاف التفسيرات. وأخيراً إرباك الأجهزة الرقابية عند تقييم الأداء أو فحص سلامة الإجراءات النظامية.
أما عن التكلفة القانونية والتنظيمية، فإن عدم الإشارة إلى الإلغاء الصريح يؤدي أيضًا إلى تعقيد العمل القضائي عند النظر في النزاعات المرتبطة بتداخل الأنظمة، وتأخير في اتخاذ قرارات إدارية بسبب غموض المرجعية النظامية، والحاجة إلى إصدار تعاميم لاحقة لتوضيح ما تم إلغاؤه، ما يطيل أمد الانتقال إلى التطبيق السليم للنظام الجديد.
ولحماية المال العام وضمان كفاءة التنفيذ، من المناسب أن يتضمن كل نظام جديد نصًا صريحًا يُحدد بدقة المواد والأحكام الملغاة بأرقامها وعناوينها. على سبيل المثال: «تُلغى المادة (12) من نظام الموارد البشرية الصادر بالمرسوم رقم (..)، والمادة (5) من لائحة تنفيذية سابقة، وأي حكم يتعارض مع أحكام هذا النظام». هذه الصياغة لا تترك مجالًا للاجتهاد، وتوفر وضوحًا لكل من يتعامل مع النظام من جهات حكومية أو جهات رقابية أو حتى مستفيدين.
وأخيراً، فإن عدم الإشارة الدقيقة إلى الأحكام نقص في الصياغة، ومن هنا، فإن الالتزام بالصياغة الدقيقة، والإلغاء الصريح، هو استثمار في فاعلية النظام، ويُجنب الدولة الكثير من التكاليف غير الضرورية.
***
- مستشار قانوني