د. علي القحيص
لا شك أن الاقتصاد هو عصب الحياة والمحرك الرئيس والمؤثر الأكثر حيوية ونشاطاً وتاثيراً في جميع الميادين وخاصة في القطاعات المدنية والعسكرية والحرب والسلم والأزمات.
والدول الغنية أصبحت صاحب القرار الراجح في المحافل الدولية مهما صغر حجمها، والدول الفقيرة أصبحت غير مؤثرة مهما كبرت مساحاتها وزاد سكانها.
بل بعض الدول العربية الكبيرة أصبحت مساحتها وشعبها عبئا عليها حيث انهكتها الظروف المادية وما أصابها من ترهل وخمول.
ولم تعد تستطيع توفير الغذاء والماء والكهرباء لشعوبها المحبطة من شح الموارد.
ونقول المال هو سيد الموقف، وحين تدخل دولة حرب أو أزمة أو تتعرض لاعتداء، عادة ما تنظم حملات لجمع التبرعات لجمع المال للتخفيف من آثار العدوان من خلال جمع المزيد من الإيرادات المالية وأشكال الدعم للدولة المنكوبة.
وماحصل لقطاع غزة الفلسطيني من دمار وخراب وحرق وهلاك لم يحصل أبدا في النزاعات والحروب في العصر الحديث من جرائم إبادة جماعية أثارت سخط وإدانة دول العالم بما فيها أوروبا لهول حجم الماساة وكارثة التدمير المروعة وأعداد القتلى والجرحى والمجاعة الجماعية الممنهجة المخيفة الآن، وعدم التزام الكيان الصهيوني بأي اتفاقيات أو مواثيق لوقف استمرار الحرب والكارثة.
ومنذ بداية العدوان على الشعب الفلسطيني الأعزل من قبل كيان متمكن أفرط باستخدام قوته العسكرية المدمرة ضد المدنيين في مدينة غزة المنكوبة حاليا. ومنذ اندلاع الحرب المسعورة سارعت دول الخليج العربية، وعلى رأسها المملكة والإمارات والدول الخليجية الأخرى واستنفرت وقامت بإرسال مساعدات ضخمة مالية ومعدات طبية ومواد غذائية ومخابز ومستشفيات واغطية وملابس، ربما تعادل ميزانيات دول.
ولكن السؤال المحير الغريب، أننا لم نسمع رجل أعمال فلسطيني واحد تبرع لشعبه ومجتمعه ومدينته لا بالمال أو المعدات الطبية أو المواد الغذائية أو علاج المرضى والمصابين، ونعلم أن هناك رجال أعمال فلسطينيين كبارا كثر وأغنياء جدا، يمتلكون أبراج وناطحات سحاب وأموال وعقارات ومراكز تجارية ضخمة في دول الخليج والدول العربية والأجنبية، وخاصة في الأردن وأمريكا ولندن وحول العالم.
لم نسمع أبدا أن هناك رجل أعمال فلسطينيا بنى مسجداً أو مستشفى أو مخيم أو مدرسة أو جمعية نفع عام، أو مؤسسة خيرية أومكان إيواء للأيتام والأرامل أو مركز صحي أو ملجأ لكبار السن أو حتى إرسال مواد طبية أو غذائية لهذا الشعب المنكوب الذي يحتاج المساعدة والإنقاذ من أي جهة.
بينما نسمع أن هناك من يمتلك فنادق أو يخوت أو من يقيمون حفلات وحضور حفلات فنية لأغنياء فسطينيين، وهم يقطنون بأكبر الفنادق الضخمة ويقتنون أغلى السيارات الفارهة، وهم من رواد أشهر الماركات العالمية للأزياء والمتعلقات الشخصية، لكن لم نسمع لأحد من هؤلاء التجار أن أرسل مساعدات أو تبرعات لغزة، حتى لو قماش أكفان للأطفال والنساء وكبار السن، الذين يدفنون يوميا بالجرافات أمواتا وأحياء، وبعضهم لازال تحت الركام والانقاض، وابناؤهم يتضورون جوعا بلا مأوى أو معيل أو ملاذ من هول الكارثة التي حلت بهم في زمن النظام العالمي الجديد ومنظمات حقوق الإنسان؟!