محمد العويفير
حين يغيب المنتخب السعودي الأول عن كأس العالم فإن ذلك لا يُعد مجرد إخفاق رياضي، بل هو فشل صريح يُدين إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم ويعكس خللاً عميقاً في الرؤية والتخطيط والقيادة، حتى وإن كان هناك ملحق قد يؤهلنا للمونديال، ولكن يجب أن نعترف بأننا خسرنا فرصة من المفترض أن تكون سهلة للتأهل المباشر.
لا يمكن الحديث عن غياب المنتخب السعودي الأول عن كأس العالم أو تعثره المتكرر في البطولات القارية دون التوقف مطولًا أمام الواقع المؤسف الذي وصلنا إليه في ظل إمكانات غير مسبوقة ودعم حكومي لا محدود، والحقيقة المؤلمة أن ما نشهده اليوم من نتائج هزيلة ومردود باهت لا يمت بأي صلة بحجم الدعم الذي يحظى به الاتحاد السعودي لكرة القدم، ولا يترجم بأي شكل من الأشكال تطلعات القيادة الرشيدة التي وضعت تطوير كرة القدم ضمن أولوياتها في إطار رؤية المملكة 2030.
القيادة لم تقصر في شيء، تم ضخ الموارد، توفير المنشآت، تطوير البنية التحتية، جلب أفضل الكفاءات، دعم الأندية، وتحويل الدوري المحلي إلى واحد من أكثر الدوريات جاذبية في المنطقة وربما في القارة، لكن رغم كل ذلك تبقى المشكلة في الرأس لا في الجسد، وفي الفكر الإداري والقيادة الفنية داخل أروقة الاتحاد السعودي لكرة القدم، وتحديدًا في ما يتعلق بإدارة المنتخب الأول.
من غير المنصف أن نتجاهل النجاحات التي تحققت في الفئات السنية، حيث رأينا منتخبات الشباب والناشئين تحقق إنجازات مشرفة وتظهر بوجه مشرق يحمل بصيص أمل للمستقبل، ولكن السؤال المحوري هنا: لماذا لا ينعكس هذا النجاح على المنتخب الأول؟ ولماذا يبدو منتخبنا الكبير كأنه كيان معزول لا يستفيد من القاعدة التي تُبنى تحته؟
الاتحاد السعودي بكل إمكاناته لم ينجح في تحويل النجاحات في الفئات السنية إلى إنجازات حقيقية على مستوى المنتخب الأول، بل على العكس نرى منتخباً بلا شخصية واضحة يفتقر إلى الهوية والاستقرار الفني ويقدم مستويات باهتة في المحافل الكبرى.
الفشل في التأهل إلى كأس العالم يختصر كل شيء، ويضع الاتحاد في زاوية حرجة لا تنفع معها الأعذار أو التبريرات.
المشكلة الأكبر أن الرؤية المستقبلية للمنتخب الأول تبدو غائبة تمامًا، لا مشروع واضحا ولا فلسفة لعب ثابتة، لا خطة تدريجية لتصعيد اللاعبين المميزين من الفئات السنية، ولا حتى استقرار في الأجهزة الفنية، وقرارات مرتجلة، واختيارات مشكوك فيها، وتكرار للأخطاء ذاتها مع كل إخفاق جديد.
ومما يثير الاستغراب والقلق هو التباين الفاضح بين مستوى اللاعبين في أنديتهم ومستواهم مع المنتخب، فاللاعبون يتألقون في الدوري المحلي، ويقدمون أداءً عاليًا أمام فرق كبرى، ولكنهم يختفون بمجرد ارتداء قميص المنتخب، فهل المشكلة في الجهاز الفني؟ أم في بيئة المنتخب؟ أم في غياب الدافع والانتماء؟ في كل الأحوال من غير الطبيعي أن يصبح المنتخب مقبرة للمواهب بدل أن يكون واجهة فخر للوطن.
بكل صراحة نحن بحاجة إلى وقفة حازمة، ومساءلة حقيقية لهذا الاتحاد الذي رغم كل ما وفر له من دعم لم ينجح في قيادة المنتخب الأول إلى حيث يجب أن يكون، الكرة السعودية لا تعاني من قلة المواهب بل من سوء التوظيف وضبابية الرؤية وانعدام المحاسبة.
رسالتي:
هناك نجاحات في القاعدة، لكن دون ترجمتها على مستوى المنتخب الأول تبقى مجرد أرقام لا تسمن ولا تغني من جوع!
** **
- محلل فني