سلمان بن محمد العُمري
تنهض الأمم بمقدار ما يتمتع به أبناؤها من مستوى علمي، ومن هذا المنطلق ومنذ عقود طوال، ومنذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه -، حتى هذا العهد الزاهر كانت المملكة العربية السعودية تكرس الجهود وتنفق الأموال فى سبيل نشر التعليم وتعميمه بفضل ما أسبغه الله عليها من نعم وفيرة، واستشعاراً لأهمية التعليم في مسيرة الأمم وتقدمها وبناء حضارتها ولتبنى عليها القاعدة الصلبة التي تقوم عليها دعائم النهضة والتطور، ولذا فقد كانت بواكير البعثات العلمية منذ عهد الملك عبد العزيز ولا تزال إلى يومنا هذا مع ما يتوافر لدينا ولله الحمد من عشرات الجامعات والكليات الحكومية والأهلية فى جميع مناطق المملكة.
ولقد رأينا ما يثلج الصدر ويبهج النفس من تفوق أبنائنا وبناتنا في المسابقات العالمية في مختلف العلوم وحصدهم للجوائز وهذا دلالة على قوة التعليم والمناهج وتوفر العناية الفائقة بالنابغين من الطلاب والطالبات، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه، ماذا بعد هذا التفوق، ولماذا لا يتم تبني المبرزين والمتفوقين والذي شرفوا بلادهم وأهلهم وأنفسهم في المحافل الدولية ليتم تبنيهم ببرامج علمية متقدمة في داخل المملكة وخارجها، وتهيئة الفرص لهم بالالتحاق فيما بعد بجامعات متخصصة ورعايتهم حتى نجني ثمارهم مستقبلاً.
ولابد من تضافر جهود جميع الجهات ذات العلاقة من الأجهزة الحكومية في هذا السبيل لكي نعد علماء وباحثين وليس موظفين وموظفات فقط، بل نريد كفاءات علمية متخصصة لدينا من الكفاءة العلمية التي تتطلبها قطاعات التنمية ورؤية 2030، وعلى الجامعات ومراكز البحوث بالجامعات أن تستكشف هؤلاء المواهب وتبحث عنهم، ولا تكتفي فقط بالقبول الأكاديمي المعتاد بل عليها أن تبحث عن المتفوقين بمختلف التخصصات والاتجاهات، وأن تدرك الجامعات أهمية وعظم المسؤوليات الملقاة على عاتقها، فلا نريد كما ذكرت مسبقاً أن تكتفي الجامعات بإخراج قوى عاملة فقط.
إن الاهتمام بهؤلاء المتفوقين واجب وطني، ويجب دعمهم وتقويتهم علمياً وسد ما لديهم من نقص وتوجيهم وإرشادهم بما يتلاءم والحاجة إليهم مستقبلاً وبذلك نختصر الزمن ونسهم في توفير التخصصات التي تحتاجها البلاد.
لقد تخرج من برامج الابتعاث في العقود الماضية من الجامعات الأجنبية مئات الألوف من الطلاب والطالبات السعوديين، ولكن للأسف لو بحثنا عن المتميزين منهم علمياً فإنهم قلة قليلة قياساً بأعداد الدارسين في الخارج وما أنفق عليهم، وجل من تخرجوا هناك أشبه بمن درس عندنا ثم تأهيلهم كموظفين، والسبب أنه لم تحدد دراسات وتخصصات معينة للابتعاث وتحدد جامعات معينة للابتعاث لأن بعض الطلاب والطالبات في السابق درسوا في جامعات ضعيفة علمياً، ولم يكن هناك تدقيق على مستوياتهم العلمية إلى جانب تغيير الكثير من المبتعثين للدراسة لتخصصاتهم العلمية من تخصصات قوية إلى تخصصات علمية عادية ولم تسهم في تطوير قدرات القوى العاملة المطلوبة.