د. فهد بن أحمد النغيمش
المنافقون وقصصهم في عهد نبينا - صلى الله عليه وسلم- لم تكن قصصاً ماضية بل هي حقائق باقية، تعددت مسمياتها، واختلفت وسائلها وطرقها ، وتوحدت في أهدافها وسماتها، وكما قال حذيفة رضي الله عنه: (والمنافقون الذين فيكم أشر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقيل: وكيف ذلك؟! قال: إن أولئك كانوا يسرون نفاقهم، وهؤلاء يعلنون (ويقول شيخ الإسلام رحمه الله: (والمنافقون ما زالوا ولا يزالون إلى يوم القيامة).
إن المتأمل في صفات المنافقين الواردة في كتاب الله عز وجل ليجدها كثيرة ومتنوعة لكنها متحدة في هدفها ومقصدها! أما اليوم فهي حقيقة أشد خبثاً وأكثر حذقاً حيث تواروا عن الأنظار وساغوا معسول الكلام تارة بمنهج الإصلاح وتارة بالحرص والإرشاد حيث وجدوا وسائل تعينهم بل وتساعدهم في بث شبهاتهم ودسائسهم، وتصل بكل يسر وسهولة إلى الصغير قبل الكبير وإلى الجاهل قبل المتعلم والى البسيط قبل الحاذق عن طريق التقنية الحديثة التي أصبحت اليوم في متناول الجميع!
السوشيال ميديا بأنواعها المتعددة أصبحت اليوم هي وسيلة جاذبة، بل وسائغة في مجتمعاتنا يغذيها الفراغ ويحفزها الغثاء بشتى أنواعه ولن أخوض في مقارنة بين أثارها السلبية ونتائجها الإيجابية لكن سأكتفي بالحديث عن واحدة من تلكم المنصات التي أعتبرها منبر من منابر النفاق اليوم حيث أصبح هو السائد وهو المنبر الذي وجده الأعداء والمنافقون لبث الفرقة والاختلاف والتأجيج والعداء وذلك بمعرفات وهمية وأسماء ظاهرها النصح والحق وباطنها العداء لهذا الدين ولوطننا وبلادنا وحكامنا، ولعل الجميع قد أدرك كنّه وعرف ما أعنيه قبل أن أذكره فهي منصة (X) التي تسمى سابقا تويتر؛ حيث تبحر في شواطئ من القذارة والسباب والشتائم والعمل على بث الفرقة والاختلاف ورسم صور سلبية عن الدين وثوابته؛ حيث الشبه العائمة والتشكيك في ثوابت الدين، وسب وشتم للصحابة والسلف الصالح بدعوى الحرية في النقد والطرح، وصنف آخر اختفوا تحت معرفات وهمية وربما زينوها بخلفية وطنية وهم في حقيقتهم يطعنون في عقيدة السمع والطاعة لولاة الأمر، ويعدونه خنوعاً وذلة فتراهم يضخمون الأخطاء ويؤلبون العامة بل بعضهم يسوق براهين مكذوبة وحقائق مزيفة تمت من خلال التقنيات الحديثة التي ساعدت في حياكتها وتزييفها وإظهارها كحقيقية؛ سواء بواسطة الذكاء الاصطناعي أو تقنية الفوتوشوب، والهدف متحد لديهم هو ضرب لحمة هذا الوطن وتشتيت اجتماعه وبث روح الكراهية بين أبناء شعبه ، ومن بيننا للأسف من هو أشبه بالإمعة الذي يسير خلف كل ناعق ويردد وراء كل ناهق دون أن يتثبت أو يتبين ويسبر الأمور ويحكمها!
هذه هي أفعال المنافقين في عهد رسولنا - صلى الله عليه وسلم- وها هم اليوم يعيدون إتقان الأدوار ومع اختلاف الأسلوب والطريقة!
كل متصفح لمنصة (X) غيور على دينه ووطنه ينبغي عليه أن لا يخوض في أي حديث أو هاشتاق أو مساحة تستهدف ديننا أو أمننا أو تسعى إلى تشويه سمعة بلدنا أو تطعن في حكامنا وقادتنا، أيا كان المبرر فتلكم من الخطوط الحمراء التي تمنع الاقتراب منها، ومن الأعداد التي لا تقبل القسمة على عدد آخر ولن يتأتى ذلك الا بالتكاتف والتلاحم والتنبه لتلكم المؤامرات التي تحاك وتدار من معرفات أجنبيه أغاظهم اجتماع الكلمة، وأحرق قلوبهم التفاف الشعب مع حكامه والوقوف سدا منيعا أمام كل متربص وحاقد في ذلك.