د. أحمد محمد القزعل
يقول الكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي: «الأم هي السراج الذي ينير ظلمة الحياة لأبنائها، وهي الملاذ الذي يفرّون إليه عند كل ألم»، ويقول الكاتب أنيس منصور: «الأم هي الإنسان الوحيد الذي يحبك دون شروط أو مقابل، وهي التي تعلّمك دروس الحياة قبل أن تواجهها»، فالأم هي الحضن الدافئ الذي يضم الأبناء في لحظات الضعف والخوف والحزن، فتغمرهم بالحب والرعاية دون أن تنتظر أي مقابل، ومنذ لحظة ولادة الطفل تُكرّس الأم حياتها من أجله، تسهر على راحته، تتحمل المشقة بصبر وإيثار لا مثيل له، وهي اليد التي تمتد بالحب دون قيد أو شرط، وما يميز الأم عن غيرها هو قدرتها على العطاء المتواصل بلا انتظار لأي مردود، إنها تمنح الحب والرعاية من صميم قلبها، وتضع أبناءها في مقدمة أولوياتها، حتى لو كان ذلك على حساب راحتها ووقتها، الأم هي التي تُضحي بكل شيء من أجل سعادة أبنائها، وتظل سنداً لهم في جميع مراحل حياتهم، منذ الطفولة ولآخر العمر.
وعندما يبحث الإنسان بطبيعته عن الأمان والطمأنينة لا يجد ذلك إلا في حضن الأم، فهو المكان الذي يشعر فيه الإنسان بالدفء والحب المطلق، وعندما تواجه الأبناء صعوبات الحياة أو تتسارع عليهم الهموم، تجدهم يلجؤون إلى أمهاتهم بحثاً عن كلمات التهدئة والنصيحة المخلصة، وهذا الشعور بالأمان الذي توفره الأم لا يتلاشى مع مرور الزمن، بل يظل حاضراً حتى في كبر الأبناء؛ لأن الأم تظل الملجأ الذي يفيض بالحنان مهما تغيرت الظروف.
وعلى مر العصور تغنى الشعراء بدور الأم وعظمتها، وعبّروا عن تقديرهم لمكانتها في قصائد خالدة بقيت شاهدة على أهمية الأم في المجتمع، فقال شاعر النيل حافظ إبراهيم في بيت شهير يعبّر عن دور الأم العظيم في تنشئة الأجيال:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
وهنا الشاعر حافظ إبراهيم يشبه الأم بالحديقة التي تزهر وتنمو عندما تُروى بالحب والرعاية، مما يدل على أن عطاء الأم لا ينضب وأن تأثيرها على أبنائها دائم ومستمر بقوله:
الأمّ روض إن تعهّده الحيا
بالرّيّ أورق أيّما إيراق
حقيقة لا يمكننا أن نغفل دور الأم وتأثيرها العميق في حياة أبنائها والمجتمع ككل، فالأم هي القلب الذي ينبض بالحب والتضحية من أجل أبنائها، لكنها تظل أكبر من أن تحيط بها الكلمات، وعلينا أن نقدّر أمهاتنا، فهن أغلى ما في الوجود، وفضلهن علينا لا يُضاهيه شيء.