خالد بن حمد المالك
تلقت إيران ضربة موجعة من إسرائيل، في عملية عسكرية استباقية لا سابق لها في تاريخ الصراع بين طهران وتل أبيب، وجاء العدوان الإسرائيلي مدمراً ومؤثراً، وعلى حين غرة من توقعات إيران التي كانت تظن ان بدء الحرب لم يحل بعد، وأن المفاوضات الدبلوماسية مع أمريكا كافية لحل إشكال الأزمة النووية، وفك التعقيدات، وتجاوز التحديات.
* *
كان الرئيس الأمريكي مع التفاوض السلمي، وضد الضغط الإسرائيلي للبدء بعملية عسكرية مفاجئة في ضرب إيران، وكان في تصريحاته يبدو مرناً ومتفهماً، ومدركاً لعواقب الأمور، وخائفاً من أن تؤثر أي حرب بين إيران وإسرائيل على أمن واستقرار المنطقة، إذا ما توسعت ومست دولاً أخرى، غير أن ما حدث كان يحمل أسراراً تتناقض مع الموقف الرسمي المعلن للرئيس الأمريكي، ولا تنسجم مع توجهاته في منع أي اشتباك بين الدولتين.
* *
وكعادة إسرائيل في أخذ زمام المبادرة في كل حروبها العدائية، فقد بدأت عدواناً واسع النطاق على إيران، حققت فيه أكثر مما كانت تتوقعه، بينما كان القادة في إيران بين من هم في اجتماعات، أو في حالة سبات في منازلهم، ليكون تأثير العدوان الإسرائيلي بهذا الحجم المؤثر، وبهذا الكم الكبير من الخسائر البشرية وغير البشرية، دون أي صد أو رد مناسبين من إيران.
* *
استخدمت إسرائيل 200 طائرة متطورة في ضرب أهدافها في المدن الإيرانية، واستعانت بصواريخ ومسيرات في داخل إيران، زرعتها دون علم الإيرانيين في عمليتها العدوانية، وكانت النتائج وفاة قرابة عشرين قيادياً من القادة العسكريين الكبار، أربعة منهم هم الرئيسيون في الجيش، وتسعة من العلماء النوويين البارزين في أحدث المعلومات، وضرب المطارات، ومواقع المفاعل النووي، وخسائر أخرى في مواقع عسكرية كبيرة.
* *
وأعلن الرئيس الأمريكي أنه على علم بما قامت به إسرائيل قبل بدء الهجوم، وأنه فخور بقدرات الأسلحة الأمريكية التي استخدمت في الهجوم على إيران، وحمل إيران المسؤولية لأنها لم تقبل بصفقة معه على مدى شهرين لإلغاء مفاعلها النووي وتفكيكه وإيقاف التخصيب، وهو موقف مغاير لما كان عليه موقفه قبل العدوان الإسرائيلي المدمر بأيام.
* *
وحين بدأت إيران بإطلاق صواريخها الباليستية رداً على العدوان الإسرائيلي، أعلنت إسرائيل أن أمريكا تشارك في التصدي لها، مما قلل من تأثير الانتقام الإيراني، ليضاف هذا الموقف الأمريكي المنحاز إلى ما صرح به المصدر الأمريكي من أن أمريكا ساعدت إسرائيل استخباراتياً ولوجستياً في هجومها على إيران.
* *
حتى الآن، المعركة لم تنته بعد، وعدوان إسرائيل مستمر، والرد الإيراني متواصل، ولكن بوتيرة أقل، ويرى الإسرائيليون إنه تم تحييد القوة الإيرانية، وإذا ما كانت هناك تطورات مستقبلية ليست لصالح إسرائيل، فإن التدخل الأمريكي الواسع سوف يكون حاضراً، وله تأثيره في قلب موازين القوى لصالح إسرائيل.
* *
وفي ظل هذه التطورات التي لم تتجاوز مساحة أحداثها إيران وإسرائيل، سارعت المملكة إلى الإعراب - نصاً- عن إدانتها واستنكارها الشديدين للاعتداءات الإسرائيلية السافرة تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة التي تُمس سيادتها وأمنها، وتمثل انتهاكاً ومخالفة صريحة للقوانين والأعراف الدولية، وتدين هذه الاعتداءات الشنيعة وتطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بوقف هذا العدوان بشكل فوري، كما بحث ولي العهد مع الرئيس الأمريكي في اتصال هاتفي التطورات التي تشهدها المنطقة، بما في ذلك العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، وأهمية ضرورة ضبط النفس وحل كافة الخلافات بالوسائل الدبلوماسية.
* *
وبهذا فإن موقف المملكة اليوم، كما هو من قبل، مع إيران وغير إيران، يظل ثابتاً، وملتزماً بأمن واستقرار دول المنطقة، ومنع أي مساس بأي دولة، وأن عدوان من إسرائيل فهو مرفوض من أساسه، وعلى المجتمع الدولي أن يحاسبها، ويكف أذاها، ويتعامل معها على أساس أنها دولة متمردة لا تلتزم بالمعايير الدولية.