د. سطام بن عبدالله آل سعد
وصل الهلال إلى أمريكا ممثلًا للوطن في كأس العالم للأندية، وهو يجر خلفه سلسلة من الإخفاقات الإدارية والتأخيرات التمويلية التي ألقت بظلالها على استعداده لهذا المحفل العالمي، كان من المفترض أن تكون البطولة ساحة لتألق الكرة السعودية، لكنها تحوّلت إلى مرآة تعكس مشكلات أعمق في التنسيق والتخطيط والتفاوض داخل المنظومة الرياضية.
ما حدث من تأخر في الدعم المالي المخصص للهلال يكشف عن خلل كبير في التناغم المؤسسي بين الجهات المعنية وإدارة النادي، فكيف لفريق يُمثل الوطن في أهم مناسبة كروية أن يعاني من تأخر الدعم؟ هذه الفجوة بين «النية الوطنية» و»الجاهزية التنفيذية» تثير تساؤلات حول جدية التعامل مع الأحداث الكبرى، وتفتح نقاشًا حيويًا حول آليات إدارة التمويل الرياضي المرتبط بالأهداف الوطنية.
لقد كانت الفترة التي سبقت كأس العالم للأندية فرصة مثالية لبناء مشروع كروي طويل الأمد، يرتكز على التعاقدات الذكية والاستقرار الفني والإداري، إلا أن هذه الفرصة أُهدرت بسبب تأخر الدعم، وتخبط التفاوض، وغياب الرؤية الواضحة، فكانت النتيجة مشروعًا إسعافيًا هشًا بدلًا من منظومة مستدامة ومتكاملة.
ولم تكن تكلفة هذا التأخير محصورة في الزمن فقط، لكنها امتدت لتشمل أعباء مالية إضافية، نتيجة تحوّل فترة التسجيل الاستثنائية إلى ساحة للمزايدات من وكلاء اللاعبين، وهو ما يعكس بوضوح ما يمكن تسميته بـ»تكلفة الفوضى الإدارية»؛ حين تتضاعف النفقات بسبب غياب القرار المناسب في الوقت المناسب.
الدعوات الجماهيرية لتجاوز الماضي ودعم الفريق مطلوبة، لكن لا ينبغي أن تكون بديلاً عن المحاسبة والتقييم، فهل نملك فعليًا منظومة وطنية لمراجعة الأداء الرياضي؟ أم أننا نكتفي بتغليف الإخفاقات بالعاطفة، ونرحّل الحلول إلى وقت لاحق لا يأتي؟
مشاركة الهلال في هذه النسخة الجديدة والاستثنائية من كأس العالم للأندية تمثل لحظة مفصلية لاختبار جاهزية الأندية السعودية للحضور على الساحة العالمية. إنها فرصة لإثبات أن لدينا منظومة قادرة على منافسة الدوريات العالمية إعلاميًا واقتصادياً وفنيًا وتسويقيًا، وهذا الطموح يتحقق بالتخطيط المبكر، والتنفيذ المحكم، والمساءلة الجادة، وليس بالأمنيات.
قد تكون المشاركة العالمية حدثًا تاريخيًا، لكن الأهم أن نخرج منها برؤية تُقودنا إلى مستقبل أكثر احترافية... وأقل عشوائية.