د. محمد عبدالله الخازم
يلفت الانتباه في بعض مؤسساتنا استخدام مسميات عامة، هي محل تساؤل حول معانيها/ فلسفتها/ مبررات اختيارها. من تلك المسميات مسمى وطني أو عالمي أو دولي.
لا تعرف: لماذا مركز ابحاث مستشفى الحرس الوطني يسمى عالمي بينما مراكز أبحاث التخصصي والجامعات لا تسمى عالمية؟
ما هو الفرق بين هذا وذاك، من ناحية الفلسفة وإطار العمل وليس الحجم والمرجعية؟ لماذا يسمى مركز تدريب المعلمين بالمركز الوطني بينما معهد الإدارة لا يحمل مسمى الوطني، رغم أن كليهما يعنى بالتدريب على مستوى الوطن، كل في مجاله؟
الفكرة التي أناقشها، هي استخدام مسميات دون تعمق في فهم دلالتها وفلسفتها. أحياناً، بقصد التضخيم وأحياناً بقصد التقليد لمسميات أجنبية وأحياناً لغياب آلية أو إطار أو مرجعية وطنية نسير عليها في هذا الشأن.
على سبيل المثال، مصطلح الوطني - National - يستخدم في الدول الفدرالية للتوضيح بأن المؤسسة تعمل على المستوى الفدرالي/ الوطني وليس على المستوى المحلي أو مستوى الولايات/ الأقاليم.
نحن لدينا نظامنا المختلف، لسنا دولة فدرالية وبالتالي لسنا بحاجة إلى توكيد أو استخدام مصطلح الوطني، طالما لا يوجد لدينا مراكز ولايات أو أقاليم. في حال كان لدينا مراكز مناطق فهي مجرد فروع وقد تتسمى باسم المنطقة مباشرة.
هناك الاسم الأخر الذي يستخدم بشكل عشوائي « العالمي» والبعض يستخدم مرادفاً له «الدولي». قد نقبله لو كان يطلق على منظمة دولية تشارك فيها عدة دول أو يقدم خدمات عابرة للدول أو يعمل به أناس (بحكم نظامه) من دول مختلفة او تساهم في تمويله دول متعددة.. إلخ.
أما غير ذلك، فالأمر مجرد تفخيم أو محاولة تأكيد هوية لا يتطلب الأمر توكيدها في المسمى. مثلاً، لا أفهم ضرورة تسمية أو وصف مجمع الملك سلمان للغة العربية بالعالمي. إنه عالمي بحكم هوية اللغة العربية وبحكم مجالات عمله دون الحاجة إلى مثل تلك الإضافة في المسمى.
مسمى العالمي تهتم بعض المؤسسات الضعيفة أو المنتمية لدول العالم الثالث من باب التوكيد، لكن منظمات ومؤسسات الدول القوية لا تهتم بذلك لأن عالميتها من أعمالها وليس مسماها.
هل شاهدتم مركز غربي يسمي نفسه عالمي لمجرد تفخيم ذاته؟ هل شاهدتم المجلس الثقافي البريطاني يستخدم مسمى عالمي رغم أنه يعمل في كافة دول العالم تقريباً؟
بعد هذه التساؤلات التي أدعو خبراء اللغة والقانون وصنع السياسات لإبداء آرائهم حولها. ربما، تفكر هيئة الخبراء في وضع إطار وطني يتعلق بالتسميات المتعلقة بالمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية، متى نستخدم ملكي/ وطني/ دولي/ عالمي/ إلخ؟ ماهي مواصفات ومعايير التسميات تلك؟ كل ذلك لغرض خلق هوية وطنية تستخدم عبر مختلف القطاعات وتنسجم مع النظام الذي يحكم بلادنا.
طبعاً، لن أتحدث عن المسميات التي تبدو كأنها عنوان مقالة علمية أو رسالة بحث دكتوراه أو خطاب يستوجب ذكر كافة الألقاب فيه، وعادة يكون خلفها أكاديميون/ بيروقراطيون يعتقدون أن المسمى مثل عنوان البحث يجب أن يحوي كافة الكلمات الدالة. قد تعتبرونه انحيازاً أو ذائقة شخصية؛ لا أحبذ الأسماء الطويلة!