م. بدر بن ناصر الحمدان
تُعرف عملية إعادة إعمار المدن بأنها أعمال ترميم نموذجية لما تبقى من الأصول المعمارية والعمرانية المدمرة والبنية المرتبطة بها، وتُعد هذه العملية المستمرة للحفاظ على المباني وتحديثها وتكييفها مع المتطلبات المتغيِّرة جزءًا لا يتجزأ من تطوير المدن الحديثة، بالتركيز على المباني والمجموعات ذات الأهمية الثقافية والتاريخية التي تم تدميرها أو تآكلها بسبب الظروف الطبيعية المختلفة أو عامل الزمن أو التدخلات البشرية. إعادة بناء المدن خاصة القديمة منها تعتبر من أهم قضايا التخطيط الحضري المعقدة التي تواجهها إدارة المدن وذلك بسبب التطور الديناميكي المستمر لتركيبة وظائف المدينة بهدف تحسين حياة السكان ورفع كفاءة استخدامات الأراضي وعدم القدرة على التحكم بها خاصة في مراكز المدن والأحياء المركزية.
أهم تحد يواجه إعمار تلك المدن هو مصادر تمويل تشييد مشاريع الإعمار وصيانتها وتشغيلها، والصراع الدائم مع العمران الجديد سواء على مستوى المباني أو الطرق أو المرافق أو شبكة البنية التحتية الأساسية، وعدم توثيق الهياكل الأصلية وصعوبة إعادة الأجزاء المفقودة، وكذلك فقد مواد البناء أو تقنيات الإنشاء المستخدمة في بناء الأصل، وعدم العثور على الحرفيين الأصليين أو تقنياتهم ومهاراتهم المنقولة، بالإضافة إلى المعوقات القانونية والفنية والإنشائية أو التنظيمية التي قد لا تتيح إعادة الهيكل الأصلي وفق ما كان عليه.
عادة ما تعتمد مناهج إعادة إعمار المدن على العلاقة بين الأصالة والتنفيذ بالدرجة الأولى من خلال تحليل الوضع الراهن قياساً بالهدف من الترميم، ويصف (جورج مورش) إعادة البناء المعماري بأنها «منهج علمي لاستخلاص المصادر لإعادة بناء الأشياء التي ضاعت، بغض النظر عن الزمن الذي انقضى منذ ذلك الحين». وتشير التجربة العملية إلى ثلاثة بدائل رئيسة في عملية إعادة الإعمار تتمثَّل في: (إعادة بناء مطابقة للأصل، إعادة بناء نموذجية، إعادة بناء تكرارية، إعادة بناء تعليمية). ويعتمد تحديد البديل الأمثل على دراسات مكتبية وحقلية متخصصة من لدن خبراء في الترميم وإعادة التأهيل.