ماجد قاروب
الدين الإسلامي الحنيف ضبط نظام الإرث ضبطًا عادلًا وقنَّن له قانونًا ثابتًا وجعل له أحكامًا معلومة، فنظام الإرث في الإسلام نظام مالي غير قابل للزيادة والنقصان، فقد تولَّى الله تعالى بعلمه وحكمته تبيينه بنفسه في كتابه ولم يدع تقسيمه على أيدي البشر، حيث كان الناس في الجاهلية يورّثون الرجال دون النّساء، فشرّع الله تعالى شرعاً لا يفرّق بين النساء والرجال، وبين الضعفاء والأقوياء، فكما أنّ للرجال حصّة وقِسمة في تركة الوالدين والأقربين، فللنّساء نصيب قدّره الحكيم وفرضه لهنّ.
قال الله تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (7) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (8)) [النساء].
ومقابلاً لذلك نص المادة 197 من نظام الأحوال الشخصية (التركة هي ما يخلفه الإنسان بعد موته من الأموال والحقوق المالية)، وقد أوضحت المادة 205 (الفرع الوارث هو من استحق الإرث كاملاً أو جزءاً منه وكان من ذرية الميت وهم الابن وأولاده وإن نزلوا، والبنت، ولا يعد من الفرع الوارث من أدلى بأنثى)، والمادة 206 (الأصل الوارث هو من استحق الإرث كاملاً أو جزءاً منه وكان من والدي الميت، وهم الأب وآباؤه، والأم والجدات).
بيّن الله تعالى ميراث الزوجة والزوج إن توفي أحدهما عن الآخر، وذكر نصيب كل واحد منهما، سواء كان لهما أولاد أم لا، وذلك في قوله: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)، [سورة النساء، آية: 12].
المادة 209 من نظام الأحوال الشخصية (يرث الزوج (النصف) عند عدم الفرع الوارث للزوجة، و(الربع) عند وجوده) ، المادة 210 (ترث الزوجة (الربع) عند عدم الفرع الوارث للزوج، و(الثمن) عند وجوده، تشترك الزوجات عند تعددهن في فرض الزوجة الواحدة).
يعد الإرث حقاً من حقوق الورثة الشرعية التي لا تسقط إلا إذا توافرت أحد موانع الإرث التي تتمثل في القتل والرق واختلاف الديانة بين الوارث والموروث، ولكن هناك الكثير من الخلافات والقضايا التي تثار أمام المحاكم بشأن تقسيم التركة سواء بالتصرف في التركة بصورة غير قانونية أو منع الآخرين من حقوقهم الشرعية في الميراث، ومثال لذلك وجود الزوجة بعد وفاة زوجها في المسكن الذى أصبح مشاعاً بينها وبين أولادها ويؤجل توزيع ميراث المسكن طيلة حياة الأم؛ مما يؤدى إلى حرمان باقي الورثة في حقهم الشرعي في هذا المسكن، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حرم وارثاً من ميراثه حرمه الله نصيبه من الجنة». ولا يجوز أن يتنازل شخص عن ميراثه إلا بطيب نفس منه كقوله - عليه الصلاة والسلام -: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه».