خالد بن حمد المالك
أعلنت بريطانيا عن تضامنها مع إسرائيل، وقررت أن تشارك في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية التي تضرب المدن الإسرائيلية، فيما تحركت حاملة الطائرات الأمريكية من بحر الصين إلى منطقة الصراع ربما لدعم إسرائيل في حربها مع إيران، ولم تخف عدد من الدول الأوروبية نيتها للانخراط مع إسرائيل في التصدي للحملات الإيرانية التي تأتي رداً على بدء إسرائيل بعدوانها على إيران.
* *
إسرائيل لم تكن تتوقع أن لدى إيران هذه القدرة في مواجهة ضرباتها، خاصة بعد الضربة الاستباقية المفاجئة التي قامت بها إسرائيل، وباغتت بها إيران، وأسفرت عن مقتل كل القيادات العليا في الجيش بما يصل عددهم إلى أكثر من عشرين قيادياً، وإلى قريب من هذا العدد من العلماء والخبراء النوويين، فضلاً عن التهديم الذي طال عدداً من المباني في عدد من المدن الإيرانية، بما فيها وزارة الخارجية والدفاع ومؤسسات عسكرية أخرى.
* *
ومع أن إيران تبدو أجواءها مفتوحة ومسرحاً للطائرات الإسرائيلية المعادية، فقد كان مثيراً للانتباه دون استغراب أن تنضم دول لمساعدة إسرائيل في حربها مع إيران، خاصة وأن تل أبيب هي من بدأت بالحرب، وهي المتفوقة عسكرياً حتى هذه اللحظة، وهي المسنودة بالسلاح وتقديم الخدمات الاستخباراتية من هذه الدول، بما لا حاجة إلى هذا التضامن معها، بقدر ما تكون الحاجة والمسؤولية أن تعمل أمريكا والغرب على إطفاء هذا الحريق المشتعل.
* *
أمس كان يوماً عاصفاً كسابقه، شديد القتال والتدمير في إيران وإسرائيل معاً، فقد بدأ الإيرانيون يشكلون خطورة على أمن واستقرار إسرائيل، ويتفوقون بوصول صواريخهم ومسيراتهم إلى أهدافها، دون قدرة إسرائيل على إسقاطها قبل وصولها إلى المدن الإسرائيلية في تل أبيب وحيفاء وغيرهما، بخلاف ما كان يتم التعامل الإسرائيلي مع صواريخ ومسيرات حركة حماس وحزب الله والحوثيين، وهذه كانت المفاجأة التي لم تحسب إسرائيل لها حساباً.
* *
ولأول مرة تقدم إسرائيل في حروبها على منع الوزراء من التصاريح، وعلى التعتيم الإعلامي على خسائرها، ومنع التصوير ونقل المعلومات، بما يظهر حجم الخسائر الكبيرة التي لا تريد أن تفاجئ المواطنين بها، أو تحد من معنويات الجيش في مواصلة الحرب بنفس الوتيرة، إذ إن الإعلام الإسرائيلي يركز على نقل الخسائر الإيرانية، اعتماداً على مصادر الجيش، وعلى ما تعلنه إيران عن خسائرها بشفافية ووضوح وبكل التفاصيل، دون التركيز على خسائره.
* *
هناك أضرار في بعض المباني والمواقع النووية الإيرانية، لكنها لا ترتقي إلى الجزم بأن الهدف الإسرائيلي قد تحقق، وأن الهجوم سوف يعطّل عملها، أو يخرجها من الخدمة، إذ إن وكالة الطاقة الذرية ترى أن الأضرار حتى هذه اللحظة محدودة بعد تعرضها يوم الجمعة الماضي إلى هجوم بصواريخ ومسيرات وطائرات إسرائيلية.
* *
الحرب الآن ليست في نهايتها، فلا يزال كل طرف يحتفظ بقوته، وإصراره على القتال، ولم يتبين أن لدى طهران وتل أبيب رغبة في وقف الحرب، فإسرائيل ترى أن أهدافها لم تتحقق، وإيران هي الآن في مرحلة الانتقام لقتلاها، وللتدمير الذي أضر بمنشآتها، خاصة في اليوم الأول من الحرب، وكل الجهود والوساطات لإقناع الطرفين لا تزال بعيدة، وغير قادرة في التأثير على أي منهما، ما يعني أننا أمام أيام صعبة من قتال سوف يتصاعد، وحرب ضروس سوف تزداد اشتعالاً، وتصعيدا عسكريا يعيق الحل الدبلوماسي المطلوب.