علي الخزيم
* دأبت فئات دون أن أُحدّد هنا وجهتها الجغرافية أو جنسيتها -لأنه ليس هذا المهم- أن تَصِف شعوب الخليج العربي الكرام بحالات متفاوتة من السذاجة والغفلة، بل وأحيانًا بالغباء بحيث يمكن لأي إنسان يَفِد إليهم بأن يستغفلهم ويسلبهم ما بين أيديهم وبجيوبهم بيُسر دون عناء يُذكر، وأنهم بدرجة من الجهل تتيح لغيرهم النصب عليهم والاحتيال بمسارات متعددة! وأرى -وغيري كثير- أن هذه رؤية مَن تنقصه وتعوزه المروءة وشرف التعامل ونقاء الضمير؛ أمّا العقلاء منهم المُنصفون فَلَم يصدر منهم غير قول الحق وصدق النّيَّات وجميل التعامل.
* الفئات المعنية بهذه الأسطر إنما تَحكم علينا من دواخل وطَيَّات ضمائرها المُعتمة وما التصق بها من صدأ بيئات مُحددة ببلادها -ولبلادها وأهلها كل تقدير واحترام- فليس الكل كما أولئك؛ غير أن الدرجات الفِئوِيّة الدونية بتفكيرها؛ الانتهازية بطبعها؛ المُخاتلة بسبيل مكاسب آنية وابتزاز مُحرَّم هي مَن تُعاملنا بتلك القياسات الخطأ المُجْحفة؛ أو كما يقال: (كلٌّ يرى الناس بعين طبعه)، فمَن أدمَن أخلاق وطباع السوء لا يَنفَك عنها بأي بقعة حَلّ بها؛ فلا تحلو معيشته ويرتاح باله دون الخروج على كل القيم والأعراف المَرعيّة.
* وما يؤمن به أقوام تربّوا ونشأوا على مكارم الأخلاق والشّيَم الحميدة لا يَتَّسِق مع ما تراه تلك الفئات الشّاطحة بأنه: (ذكاء والمَعِيّة وفَهلَوة)؛ إذن والحالة هذه يبدو أنه مِن المُمكن خداع الفئة الأولى بيضاء القلوب نقيّة الأنفس بما عاشته وألفته مِن عظيم المبادئ وعالي الهِمَم والتّنزّه عن التّوافه والبُعد عن مواطن الشُّبهات ومُستنقعات المَسَاوئ؛ فهم وقد توارثوا هذه القِيم الإنسانية العالية من أسلافهم كابرًا عن كابر لا يأبهون بتوافه يراها الأفَّاقون مكاسب ثمينة؛ فهذه حدود عقولهم الضامرة فِكريًا بالاكتفاء بفُتات مِن العيش دون كرامة.
* من أقوال بعض تلك الفئات -من عرب وغيرهم هداهم المولى للحق- أن شعوب منطقة الخليج العربي (بَدوٌ جهلة) بِأيديهم مال فائض لا يعرفون طريقة لتدبيره وتنميته؛ وأن استلابه منهم مُباح -بنظرهم- ليستفيد منه غيرهم وحُجَّتهم الواهية أنهم من أصحاب الحاجة -وهذه وايْم الله- فِرية وخروج عن السّراط المستقيم دينًا وعرفًا وقانونًا؛ استقوها من منظومة أخلاقية مُتطرفة مُمتَهَنة بوحل الوقاحة، طفيليات أدمنت الالتصاق بالآخرين واستغلال تلطفهم والصدود عن توافه نواياهم؛ فالنفوس الكبرى تتسامى وترتقي عن الهَنَّات وصغائر الأشياء.
* نحمد الله سبحانه الذي مَنَّ علينا بفضله وكَرَمه بأن جعلنا بَدو مُذ كُنَّا على صهوات الخيل وظهور الجمال؛ غير أنه مَيَّزنا بأننا أكرم ما تنسل العرب؛ وأشرف مَن شَرَّف الله مِن خَلْقِه ومَنَحهم أعلى وأسمى السجايا نُبَاهي بها رافعين الرؤوس لا نَمُد يدًا ولا نَخفض رأسًا؛ وأقول ما قُلت بمناسبة سابقة ليس تكرارًا لكنها حقيقة ثابتة: (نفخر بأننا أحفاد هرم بن سنان وذات النطاقين والصِّدّيق والفاروق وأروى والجَليلة وابن العبّاس وطلحة وعكرمة ومعاوية وأم حِرام وأم عمارة وعمرو والمغيرة وابن دريد وأبو الأسود والخليل، والأماجِد والقامات العالية مِن أعقابهم حتى الساعة!