عثمان بن حمد أباالخيل
أخطاء كارثية في عالم الطيران، أخطاء بشرية في عالم تحكيم كرة القدم، أخطاء مؤلمة في عالم الطب، أخطاء مرورية لقائدي المركبات، أخطاء قانونية في صياغة العقود، أخطاء بشرية في عالم اختيار الزوجة أو الزوج المناسب، أخطاء بشرية في الثقة العمياء بالآخرين، أخطاء بشرية في عالم مدققي الحسابات، أخطاء بشرية في عالم البحث العلمي، أخطاء إملائية، أخطاء لغوية، أخطاء كارثية في غرفة التحكم للصنع الكيماوي، الكثير من الأخطاء التي يرتكبها الإنسان في حياته.
ارتكاب الأخطاء في الحياة هو شيء طبيعي والإنسان لا بد له خلال عمره أن يرتكب أخطاء وهذه هي الطبيعة البشرية الفطرية ومستحيل أن تجد شخصاً كاملاً لم يرتكب أخطاء في حياته. نحن بشر معرضون للوقوع في الأخطاء ولسنا الآلات، بل بشر نخطئ. الخطأ الحقيقي هو تمادي المخطئ في خطئه، وعدم اعترافه به، وإصراره عليه، وجداله عنه بالباطل، واعتبار الرجوع عنه نقيصة. أتساءل هل الأخطاء الكارثية مؤلمة ولها تأثير على المدى البعيد والقريب، برأي الشخصي نعم على سبيل المثال أخطاء حكام كرة القدم، هل الأخطاء الكارثية جزء من التحكيم نعم هي تعتبر جزءاً من اللعبة ولن تختفي منها، لكنها كارثية بكل المعايير حين تغير النتيجة النهائية.
الأخطاء الكارثية عندما تقع تكون إما بسبب قصور الرؤية أو سوء تقدير لدراسة الموقف أو عدم الاستبصار للعواقب المستقبلية أو عدم الإنصات للتحذيرات والأخذ بالمشورة. تاريخ البشرية يعج بالأخطاء الكارثية، حيث تشمل كل جوانب الحياة.. فقد كان أهم أخطاء العلم والتكنولوجيا هي صناعة البارود والديناميت والقنبلة النووية، وما أحدثه من دمار للإنسان والبيئة.
في مطلع السبعينيات ظهر مفهوم الجودة في العمل وسمي ذلك مفهوم (صفرية الأخطاء)، الأخطاء البشرية المدربة غير مسموح لها بالخطأ وطبق هذا المفهوم في بعض دول العالم، أحقاً ليس هناك أخطاء بشرية في أداء العمل شخصياً لا أرى هذا صحيحاً فحيث وجد الإنسان وجد الخطأ الذي يمكن تصحيحه.
لكن ماذا عن الخطأ أو الأخطاء التي يرتكبها الإنسان بحق نفسه وحق الآخرين؟ كل منا لديه أخطاء، ولا يوجد إنسان خال من العيوب، لكن للأسف هناك من يحب تصيّد أخطاء الآخرين والمبرر يكون بحثاً عن مثالية وهمية بغض النظر عن المبررات.
تصيّد الأخطاء يباعد بين هذا الشخص والآخرين. في رأيي الشخصي من يتصيّد هفوات الآخرين هدفه العبث بالمشاعر الإنسانية، وخلق حالة من عدم الاستقرار تمامًا كالمنخفضات الجوية التي تحذّر منه الهيئة العامة للأرصاد.
إن ثقافة التصيّد ظهرت بصورة جلية مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، والتي اسميها وسائل التباعد الاجتماعي بصورها السلبية. يقول ابن الجوزي: «ما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكرام، فإن اهتم المرء بكل زلة وخطيئة تعب وأتعب، والعاقل الذكي من لا يدقق في كل صغيرة وكبيرة مع أهله وأحبابه وأصحابه وزملائه كي تحلو مجالسته وتصفو عشرته».
يقول الشاعر بشار بن بُرد:
إذا كنتَ في كُلِّ الأُمُورِ مُعاتِباً
صَدِيقَكَ، لم تَلْقَ الذي لا تُعاتِبُهْ