خالد بن حمد المالك
اندفاع أمريكا بشكل عام والرئيس ترامب بشكل خاص في دعم إسرائيل في عدوانها، وتمكينها من التفوق على دول المنطقة عسكرياً، لا لتدافع عن نفسها، وإنما لتعتدي على غيرها من الدول، لا يساعد على أمن واستقرار دول المنطقة، ولا في حماية حقوق الآخرين، وإنما يكرّس الشهية العدائية لدى إسرائيل، ويشجعها على تكرار جرائمها.
* *
أفهم جيداً أن تدعم أمريكا إسرائيل لتدافع عن نفسها إذا ما مسّها ضرر، لكني لا أفهم كيف تدعمها لتجعلها قادرة على منع ورفض قيام دولة فلسطينية للفلسطينيين على أراضيهم المحتلة عام 1967م، وتهدد أي دولة تعترف بها من أنها ستتخذ عقوبات ضدها، في موقف منحاز، وغير مبرر، ولا يساعد على تحقيق السلام، ولا يليق بسياسة دولة عظمى هي الولايات المتحدة الأمريكية.
* *
لا تحتاج واشنطن إلى من يقول لها: إن حل النزاعات والصراعات والحروب في منطقتنا سببه إسرائيل، ودعم أمريكا بتدخلها لصالح إسرائيل عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، وما لم يتغير الموقف الأمريكي، فإن إسرائيل وبعض دول المنطقة لن تنعم بالسلام، وستظل الدولة الفلسطينية الهاجس المقلق لإسرائيل حتى مع رفضها خيار الدولتين.
* *
ومن المؤسف أن دولاً في أوروبا وغير أوروبا تريد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والضغط على إسرائيل للقبول بها، غير أن أمريكا بتدخلاتها وتهديدها ودعمها لإسرائيل، لا تقبل بهذا الخيار، وحجتها لإفشاله أن إقامة الدولة الفلسطينية لا يجب أن تكون من طرف واحد، يعني أن أمريكا تشترط موافقة إسرائيل، وهذه لا توافق، وواشنطن لا تلزمها، مع أنها قادرة على فرض الدولة الفلسطينية عليها.
* *
حروب إسرائيل مع إيران، ولبنان، وغزة، وقبلها مع مصر والأردن وسوريا، وغيرها سببها حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة، ورفض إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية، وتعضيد ودعم ومساندة أمريكا لإسرائيل دون منطق، أو مبرر، أو إقناع في اعمالها المعادية لدول وشعوب المنطقة.
* *
الفلسطينيون والعرب لا يختلفون أبداً حول حق إسرائيل كدولة على حدودها عام 1948م مع ما يشوبها من تأكيدات على أنها أراض فلسطينية محتلة، وهم لا يطالبون بأكثر من أراضيهم التي احتلت عام 1967م والتي كانت حصتهم من إجمالي الأراضي الفلسطينية وفقاً للتقسيم، غير أن ما يراد لهم كما ترسمه إسرائيل، وتوافق عليه وتدعمه أمريكا أن يتم تهجير الفلسطينيين، لتكون لهم دولة خارج فلسطين بأراض مصرية أو أردنية، أو في ديار بعيدة.
* *
هذا المنطق يجعل المنطقة في حالة غليان مستمر، وتدفع بالفلسطينيين إلى ممارسة القوة لاستعادة حقوقهم، رغم عدم تكافؤ الفرص في القوة والقدرات وحرية الحركة والتصرف، وآن الأوان لتغيير وجهة البوصلة نحو ما يحقق العدل والإنصاف وحفظ الحقوق، بعيداً عن التسويف، والوعود الكلامية التي لا قيمة لها، ولن يكون لها أي أثر.