حمد بن عبدالله القاضي
يخطئ من يظن أن الهدف من المقابلات الشخصية للمتقدمين للوظائف اختبار معلومات المتقدِّم فقط، وكنت واحداً ممن يظن ذلك، لكن من خلال الواقعة التي سأرويها والتي تكشف أن هناك هدفاً آخر مهماً وهو اختبار قدراته على الإنجاز، ومعرفة كيف يتعامل مع الآخرين وكيف يواجه الصعوبات التي تعترضه بمسار عمله.
* * *
وأنشر هنا القصة الواقعية لمسؤول تربوي تُبلور بجلاء أحد أهم أهداف هذه الاختبارات الشخصية رواها المربي الفاضل أ. عبدالرحمن الغفيلي مدير عام مدارس الرياض، لقد كان معلماً وأراد التقدّم للابتعاث من أجل الحصول على درجة الماجستير.
* * *
وهذه قصة المقابلة الشخصية واللافتة التي تمت معه، فقد دخل على لجنة المقابلات كما روى بلقاء معه وكانت من أربعة أشخاص، فلما جلس بدأ رئيس اللجنة بسؤاله المفاجئ ما المعنى العلمي للنفط؟ يقول أ. عبدالرحمن احترت بالإجابة، فالنفط لا يحتاج لتعريف لكن: قلت النفط هو الزيت الخام.
فقال رئيس اللجنة: خطأ ليس صحيحاً.
قلت بهدوء: والله هذه معرفتي ثم طرح سؤالاً أغرب: يُقال بأسلوب خنفشاري.
ما معنى الخنفشاري؟ فتلكأت ثم قلت: لا أعرف فاعذرني وقال بغضب: أنت كل سؤال تقول لا أعرف! فصمتُ ولم أرد ثم قال يا فلان مخاطباً زميله اسأله أنت يقول أ. عبدالرحمن توقعت أني سأفشل في المقابلة ما دامت هذه البداية ثم بدأت أستمع لأسئلة أعضاء اللجنة الآخرين وأجبت عنها قدر معرفتي.
يقول خرجت وأنا أحس أنه لن يتم قبولي ما دام أن رئيس اللجنة قال لي أنت لا تعرف شيئاً!
* * *
ولكن بعد أيام اتصل بي مسؤول تعليمي وقال لي مبروك نجحت في المقابلة الشخصية، وأنت مرشح لدراسة الماجستير والعمل بالأكاديمية السعودية في واشنطن، فاستغربت وقلت لعله أراد اسماً آخر فلما رأى أني بين مصدق ومكذِّب قال لي أنت فلان الفلاني قلت نعم، قال خلاص استعد وكمل إجراءاتك لتذهب للابتعاث، ونسأل الله لك التوفيق وأضاف مفاجأة: أن الذي رشحك للأكاديمية السعودية للطلاب السعوديين بواشنطن هو الذي اختبرك ولم تجب عن أسئلته، لكنه رأى أنك شخصيتك متزنة ولم تنفعل، فرأى أنك مناسب للعمل في الأكاديمية مسؤولاً فيها.
* * *
هذه الواقعة وما سقته بالمقدمة قبلها يكشفان غاية المقابلة الشخصية وأنه ليس هدفها الرئيس فقط معرفة ما لدى المتقدِّم للوظيفة من معلومات لكن اختباره بضبط نفسه وقدرته على التعامل مع أمور قد تستفزّ الإنسان.
* * *
=2=
آخر الجداول
«من لي بإنسان إذا أغضبتُه
وجهلتُ كان الحلم ردّ جوابه»