خالد بن عبدالرحمن الذييب
تعتبر قبيلة الماساي في كينيا من أكثر القبائل الكينية شهرة وقوة، فهم مع أنهم لا يعتبرون الأكثر عدداً من قبائل كينيا إلا أنهم من أشدها قوةً وبأساً في القتال، حيث إنهم يسيطرون على رقعة كبيرة من كينيا وشمال تنزانيا بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلادي وذلك لسمعتهم المرعبة في الحروب والسطو خاصة في الزمن الماضي، وهذه الصفات تعتبر قديماً من علامات القوة.
لهذه القبيلة قوة نابعة من الداخل أتت من بعض المعتقدات والتي تبدو غريبة ولكنها أثَّرت إيجاباً على حياتهم. ومن أهم هذه المعتقدات رضا الوالدين والذي يشكِّل هاجساً عندهم، والأمر لا يقف عند هذا الحدث، فرضا الوالدين أمر محسوم في ثقافاتنا الإسلامية، ولكن الجديد هو الاعتقاد بارتباط رضا الوالدين بالتعامل مع الضواري.
فعند أهل الماساي، من يرضي والديه لا تأكله الضواري، وهنا المشكلة الكبيرة والتي يعاني منها زوار المحميات الكينية فأهل الماساي يتعاملون مع الأسود وكأنهم يتعاملون مع قطط المنازل، فالبعض يمشي بين الأسود وقلبه يكاد يرتعد خوفاً بينما المرشدون السياحيون تجد لديهم هدوءاً لافتاً حيال وجود الأسود بحجة رضا الوالدين، السؤال الذي يطرح نفسه: من يضمن لنا أن والديك راضيان عليك؟!
الفكرة التي أريد أن أصل إليها هي فكرة كيفية قدرة المعتقدات على تغيير تصرفات الإنسان وأن المعتقد المتوارث لدى مجتمع ما كفيل بأن يجعله ينظر إلى الأسد على أنه قطة. وقد تحدث لوبون في كتابة «الآراء والمعتقدات» عن تأثير المعتقد في زيادة القوة الداخلية. أي إنسان عاقل وطبيعي إن قلت له واجه أسداً في الغابة، سيفكر بالعقل أن الأسد من الممكن أن يفترسه فلا يمكن للإنسان دون سلاح أن يتغلب على الأسد، لأن الإنسان العاقل يفكر بعقله، وبقدراته الطبيعية، والتي لا شك لا يمكن أن تضاهي قدرة الأسد، ولكن عندما يكون لديك معتقد ما يقول إذا كنت مرضياً والديك، وعشت مع هذا المعتقد وتبنيته، وكبر معك وأكل وشرب ستكون أنت الأسد.
أخيراً ...
المعتقد الداخلي الذي يقول إذا كنت مرضياً والديك لن تأكلك الضواري يجعلك تأكل الضواري ...
ما بعد أخيراً ...
قوة المعتقد الداخلي خطيرة، سلاح فتَّاك يستخدمه المنظرون لتحقيق أهدافهم من خلال أتباعهم.