عبدالكريم بن دهام الدهام
عاماً إثر عام، تُرسّخ المملكة منزلتها كوجهة صناعية واعدة على خارطة الاقتصاد العالمي، متعدّية دور المستورد إلى تصدير البحث والتطوير والابتكار والكفاءة، والتنافس في سلاسل الإمداد العالمية بفضل ودعم رؤية حكومتنا الرشيدة - أعزها الله -، هذا المنجز تعكسه النسخة الأولى من منتدى «الصناعة السعودي»، الذي يقام خلال الفترة من 23 إلى 25 يونيو، في مركز معارض الظهران للمؤتمرات والفعاليات، تحت شعار «صناعتنا في طور جديد : تحول رقمي وتنمية مستدام»، لتبرهن التحوّل الكبير والممنهج الذي تقوده المملكة في القطاع الصناعي، الذي يحظى باهتمام مباشر من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله.
ومؤخراً تابعت إحصائيات دقيقة أعلنها معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر بن إبراهيم الخريف، تكشف عن مؤشرات رائعة تحمل في ثناياها دلالات كبرى، فقد بلغت قيمة الصادرات السعودية من قطاع إعادة التصدير في عام 2024 نحو 61 مليار ريال، بنسبة نمو لافتة وصلت إلى 23 % مقارنة بعام 2023، ما يترجم انتقال الصناعة من حيث كونها قطاعاً مسانداً إلى محرّك تنموي منفصل ومؤثر.
أما حجم المشتريات من المحتوى المحلي، الذي بلغ 380 مليار ريال خلال عام 2024، فيترجم التزام المملكة الثابت بتعزيز المحتوى المحلي، وربط خطط التصنيع الوطني بالطلب المؤسسي الفعلي، ما يعزز استدامة القطاع الصناعي الوطني ويساهم في تحقيق رؤية المملكة 2030. ويكتسب منتدى «الصناعة السعودي» زخماً كبيراً من خلال الشراكات الدولية والشركات العالمية المشاركة، ما يعزز من جاذبية وتنافسية المملكة كمركز صناعي رائد ومركز لوجستي يربط القارات الثلاث، فحجم المشاركات والمناقشات والمداولات التي سيشهدها الحدث يترجم الثقة المتناهية التي يوليها المستثمرون في البنية التحتية المتطورة، وأسعار الطاقة التنافسية، والبيئة التشريعية، والكوادر الوطنية المميزة لوطننا الحبيب «المملكة العربية السعودية».
أهمية الحدث لا يكون مقتصراً - فقط - على ما تحقق، بل يتجاوز إلى ما يتم التخطيط له، حيث سيكشف عن أحدث الابتكارات والتقنيات في مجالات الصناعة المتنوعة بمشاركة القطاعين العام والخاص وعدد من الأكاديميين والباحثين ورؤساء كبرى الشركات الصناعية بهدف رسم مسارات إبداعية لدعم وتمكين الصناعيين من خلال دعم المحتوى المحلي وتطوير المنتجات السعودية والتركيز على التحول الرقمي في الصناعة السعودية وكيفية استفادة المصانع السعودية من التقنيات الرقمية لتحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف، ودعم المبادرات التي تعالج التحديات التي تواجه القطاع، وترتكز على استشراف المستقبل، مما يُسهم بدوره في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، كما يحمل المنتدى إشارات مهمة سيعيها الشباب السعودي بأن الصناعات الابتكارية لها مستقبل مهني واعد ورائع.
اليوم، تحوّل «صُنع في السعودية» إلى رؤية وطنية عامة، تُترجم بإحصائيات الأرقام المتصاعدة، وتُبنى بعقول السواعد الوطنية، وتُختبر في ميادين التنافس العالمية، إنه مشروع تنموي شامل ومتكامل، لا يرمي إلى تنويع الاقتصاد فقط، بل إعادة تشكيل مفهوم ومستقبل الصناعة في المنطقة، لتصبح المملكة مركزاً ينشر المعرفة، وتقود الابتكار ومنظومة الأعمال، وتُصدّر الحلول المبتكرة والمستدامة.