خالد بن حمد المالك
مع انشغالنا في تغطية الحرب الإيرانية الإسرائيلية، وتحليلها والتعليق عليها والكتابة عنها، يجب أن يكون الموقف السعودي حاضراً برصانته وحكمته وواقعيته وتعامله، وحجم تأثيره في العالم لتطويق هذه الحرب المدمرة، والحد من أعداد القتلى، والخسائر الاقتصادية التي لا حدود لها.
* *
هذا الموقف السعودي العاقل لا ينبغي أن يغيب، أو أن يخفيه حجم النيران المشتعلة في كل من إيران وإسرائيل، أو تغيبه شهوة القتال بين الجانبين بعد أن قامت إسرائيل بعدوانها على إيران لتكون طهران في موقع المضطر للدفاع عن نفسها.
* *
تميز موقف المملكة بالاعتدال، والدعوة إلى الهدوء، والذهاب إلى الحوار الدبلوماسي، هروباً للجانبين من حجم المعارك القتالية، وترسيخاً لثقافة أن المفاوضات تفضي إلى حلول لا تكون فيها خسارة لأحد الطرفين، هذا نهج المملكة الثابت، والتزامها القوي، ولا يزال هذا هو موقفها.
* *
كانت البداية بزيارة مبكرة قام بها وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان لإيران، ومباحثاته مع المرشد والرئيس ووزير الدفاع الإيراني، ومن المؤكد أن جزءاً من مضمون مباحثاته كان عن التهديدات الإسرائيلية لإيران، وإمكانية تطويقها، ثم كانت اتصالات سمو ولي العهد المكثفة التي ظل يجريها مع قادة الدول لخفض التصعيد، والتوترات، وحشد وتوحيد كافة الجهود لمنع تفاقم الأزمة، والحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي.
* *
ومن يقرأ تصريحات وزير خارجية المملكة، وبيانات وزارة الخارجية عن الموقف السعودي، يلمس حرص بلادنا على إعلان موقفها المبكر من العدوان الإسرائيلي على إيران، وإدانتها لانتهاك العدو الإسرائيلي لسيادتها، بما يخالف القوانين والأعراف الدولية، وبالتزامن العمل وبذل الجهد من جانب الرياض باتجاه خفض التوترات، وتجنيب المنطقة مآلات التصعيد العسكري.
* *
والمملكة من أوائل الدول التي أدانت بشدة، وبكل وضوح الهجمات التي شنتها إسرائيل على الأراضي الإيرانية، مع مطالبتها المجتمع الدولي، وتحديداً مجلس الأمن- بالاضطلاع بمسؤولياته، ووضع حد نهائي للاعتداءات الإسرائيلية في المنطقة، وظلت تكرر موقفها الثابت من العدوان الإسرائيلي.
* *
ويأتي موقف المملكة انطلاقاً من رؤيتها بأن أي صراع عسكري في المنطقة من شأنه تغذية التطرف العنيف من كافة المنظمات الأيديولوجية المتطرفة، لتكون بيادق في مثل هذه المعركة الخاسرة، رافضة إعادة المنطقة إلى الوراء، أو أي محاولات لإعاقة التنمية والتطوير في دولها.
* *
وضمن موقف المملكة دعوتها كافة الحكومات في دول العالم إلى التنبه لخطورة تفاقم الصراع، وما قد يتسبب به من عودة لموجات الفوضى، وهو ما تريده إسرائيل تحديداً لتمكينها من مواصلة اعتداءاتها على سيادة وأمن دول المنطقة، بدليل اعتداءاتها على إيران، دون وجود تهديد لها، خاصة مع استمرار المفاوضات الأمريكية الإيرانية حول المفاعل النووي الإيراني.
* *
ومن الواضح أن الدبلوماسية السعودية في مواقفها تلعب أدواراً محورية تجاه التوترات والأزمات في المنطقة والعالم، متبنية نهج الحلول السلمية الدبلوماسية، وتلافي التصعيد والصراعات، وتوفير الظروف الملائمة لتحقيق الأمن والاستقرار في العالم، مع نأيها بنفسها عن أي تصعيد، أو استخدام للخيارات العسكرية لحل الأزمات.