د.فهد بن إبراهيم الجمعة
إن دولتنا المباركة المملكة العربية السعودية -بفضل الله- تقوم على التوحيد والسنة وتحكيم الشريعة وإقامة الحدود الشرعية، وقد تغيرت أحوال الحج وأحوال الحجاج منذ قيام الدولة السعودية والحمد لله؛ فعم الأمن أرض الحجاز بل الجزيرة كلها واختفت عصابات السلب والنهب التي كانت تعترض قوافل الحجيج فتقتلهم وتسلبهم، أما اليوم وفي ظل هذا العهد الزاهر قفلت قوافل الحجيج إلى ديارها، بعد موسم ناجح وحافل بخدمات متكاملة، وإنجازات جليلة، وجهود تعاضدت فيها كل القطاعات التي بذلت عملاً دؤوبًا، وطورت فكرًا حديثًا لخدمة الحجاج والزوار، ولقد شاهدنا ولي العهد، ورئيس مجلس الوزراء، ونائب قائد مسيرة بلادنا - صاحب السمو الملكي، الأمير: محمد بن سلمان - حفظه الله ووفقه -، وهو يتولى بنفسه الإشراف على حجاج بيت الله الحرام، ويتابع كل صغيرة وكبيرة، متابعًا للحجاج في مقر إقامته في مكة، فجزى الله خيراً ولاة أمرنا الذين أنفقوا بسخاء، وأشرفوا بوفاء، وبارك في رجال صادقين صنعوا مجدًا وإتقانًا في خطط الحج، فأخرست الأبواق الناعقة التي تشوه الحقائق، وتزيف الأحداث، وأشعة الشمس لا يحجبها غربال.
وإن من النماذج الظاهرة البارزة في التفاني في خدمة الحجيج ما رأيناه من أبنائنا وإخواننا رجال الأمن وكيف كانوا القلوب الرحيمة والعواطف الجياشة مع الحجاج والعمار والزوار، يوقرون الكبير ويرحمون الصغير ويعينون العاجز ويعاملون ضيوف الرحمن معاملة حسنة طيبة، فلله درهم وعلى الله أجرهم فلهم منا الدعاء والثناء وحسن الذكر.
ولا ننسى الجهود المقدمة في الجانب الصحي والوقائي من الأطباء والمسعفين، إضافة إلى البرامج التوعوية والدعوية ودور الدعاة في إرشاد الحجاج والمعتمرين.
وقد ظهرت الآثار الحميدة لالتزام ضيوف الرحمن باستخراج تصريح الحج وتقيدهم بالأنظمة والتعليمات، امتثالًا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}، حيث ظهر أثر ذلك في سلامة صحتهم وأرواحهم، وسلاسة تنقلهم بين المشاعر وأدائهم المناسك بطمأنينة ويسر.
ولا ننسى ما بذلته وزارة الشؤون الإسلامية، لنشر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، فأنشأت عشرات المراكز الدعوية بالمواقيت والمطارات وداخل مكة وفي كافة المشاعر، وأنشأت عشرات المباني التي يجيبون من خلالها الدعاة على أسئلة المستفتين، ووزعت الملايين من المصاحف والكتب النافعة، التي طبعت بلغات مختلفة، فأسهمت إسهامًا عظيمًا في توعية حجاج بيت الله الحرام، وألقيت الآلاف من الدروس والمحاضرات والمواعظ في المساجد ومخيمات حملات الحج، حتى خرجت الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ولله الفضل والمنة.
كذلك شهد القاصي والداني، الجهود العظيمة للشؤون الدينية في الحرمين الشريفين، من خلال إنشاء مراكز الإفتاء، وتوزيع الملايين من الكتب والمصاحف، من أجل تعليم الناس المناسك. فإن موسم حج هذا العام 1446هـ قد سطر قصة نجاح استثنائية بكل المقاييس، والتي عكست كفاءة التخطيط، وجودة التنفيذ، وروح التكامل بين مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، إضافةً إلى وعي الحجاج والتزامهم بالتعليمات.
وإننا حينما نثني على هذه الجهود ونذكرها، إنما مقصدنا أن نبرزها للعالم، بعد أن حاولت بعض وسائل الإعلام المسيئة طمس الحقيقة، ولذا فإن على وسائل الإعلام والدعاة أن يذكروا الحق، ويشكروا أصحابه، فإن الإنصاف عزيز.
فاللهم تقبل من حجاج بيت الله حجهم، واجعل حجهم مبروراً، وسعيهم مشكوراً، واجز ولاة أمرنا خير الجزاء وأعظم الثواب على ما يولونه من خدمة ورعاية للحرمين الشريفين وقاصديهما.