عبدالكريم بن دهام الدهام
ليس لأنه حرم مكي وحرم مدني ومشاعر مقدسة تتغير وتتقدم بسرعة تتجاوز سرعة الصوت، وليس لأنها كلها أطهر أمكنة العالم، وأكثرها أناقة ونظافة ونظاماً، ما أهَّلها لتكون واحدة من مقرات السهولة واليسر والاطمئنان ومركزاً لصناعة تنظيم الحشود المليونية، بل وإضافة لكل ذلك فمكة المكرمة والمدينة المنورة ومنى وعرفات ومزدلفة تمتلك صفات وأسراراً لا يكاد يعرفها إلا من زارها وأدّى النسك فيها واتصل بتفاصيلها وراقب الحركة اليومية فيها!
أول أسرار الحج وأعظم صفاته مطلقاً، أهلها، فمواطنو المملكة في قمة البساطة والكرم والضيافة والتعاون وحب الخير بالتلقائية، في غاية الترحيب والانفتاح، وبحكم موقع وطنهم المقدس فقد تعرفوا على شعوب وأمم، وتخالطوا معهم، ونقلوا عنهم، فسافروا واكتسبوا التجارب وتعلموا، وتشرَّف أكثر من 94 ألف فرد عملوا ضمن منظومة الحج لهذا العام، بخدمة ضيوف الرحمن في مختلف المواقع الميدانية والتنظيمية، ضمن جهودها المبذولة؛ للارتقاء بجودة الخدمات، وتعزيز تجربة ضيوف الرحمن، في منظومة تشغيلية متكاملة. أما ثاني أسرار الحج فهو الأمن والأمان، لا يمكن لأحد أن يعتدي عليك أو يبادرك بالعداء أو التنمر اللفظي أو التعامل بفوقية أو يقوم بتهديدك أو بسرقك، فأنت تظل في أمان ما دمت كنت تتحرك تحت سماء مكة والمدينة والمشاعر المقدسة بشكل خاص، والمملكة بشكل عام، وإذا ذكرت ذلك أمام الزوار الذين جاؤوا للمملكة لأداء فريضة الحج أو مناسك العمرة للمرة الأولى أو الثانية، لا بد أن يقص عليك واحد منهم حكاية لها علاقة بموقف يفسر مفهوم أن تكون آمناً مطمئناً في المملكة.
أن تكون آمناً مطمئناً في مكة والمدينة والمشاعر المقدسة فهذا أكثر ما تسعى لتحقيقه أي سياسة أو استراتيجية، لكن أن تسعى لتحقق شيئا وأن تحققه شيئاً آخر، فالمملكة حققت ذلك، تجسد هذه المؤشرات الميدانية حجم التخطيط والدقة والاستثمار في الإنسان والتقنية، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، ويُرسّخ مكانة المملكة الرائدة في خدمة الإسلام والمسلمين، وتيسير أداء النسك بأعلى درجات الطمأنينة والتنظيم، في ظل عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله.