سهوب بغدادي
لطالما سمعنا عبارة «السعادة اختيار» أو «قرار»، ويعتقد الأغلبية أنها عبارة غير واقعية وصعبة التحقيق، باعتبار أن الشخص يواجه في حياته عدداً من الإشكاليات والصعوبات والتحديات البسيطة وما يخالفها، فكيف أشعر بالسعادة وذلك العزيز يبتعد عني؟ وكيف أهنأ وأنا في الغربة؟ وكيف أعيش سعيدًا بعد خسارة مشروع؟ تتعدد السيناريوهات والسؤال واحد: كيف أختار السعادة في تلك اللحظات؟ إنه أمر صعب، بل يتنافى مع طبيعة الشعور الطاغي على الإنسان في ذلك الوقت العصيب، في بداية الأمر، لا أعتقد أنَّ السعادة شعور يستدعى كلما شئنا، بل هو حالة طاغية وشعور عام يغلف جنبات حياتنا ويؤطرها، بمعنى أنك اجتزت عقبات وعملت جاهدًا على خطة ما وأخلصت لصديق وبذلت الأسباب التي لم تؤت ثمارها إلا أن كل ما سبق مغلف بهالة من الرضا النابع من الإيمان بالله مما يستدعي الشعور بالسعادة لأنك بخير وفي أيدٍ أمينة ورعاية الحفيظ جلَّ جلاله، فيما يدل قرار السعادة وغيره من القرارات كالنجاح والصبر وما إلى ذلك على الوعي بما تريد ووضع خطة ورسمها وتحيُّن الفرص المتاحة الحالية والمستقبلية لتحقيق ما قرَّرت، فإن كنت قرَّرت الشعور بالسعادة فسأنتبه لمنظر شروق الشمس وجماله، وسأستمع إلى ضحكات الأطفال وسأشكر الله على وجود أصدقاء في حياتي بغض النظر عن المنغصات الآنية، وقس على ذلك من الأمور، حيث تقع المشاعر ضمن نظرية الانتباه الانتقائي الذي يُعرف بالقدرة على تركيز الانتباه على شيء معين وتجاهل المشتتات الأخرى، كمن يرغب بشراء سيارة من نوع معين فيبدأ برؤيتها مرارًا على الطرقات، إن الأهم كل ذلك، أن يقرّر الشخص أهمية تلك المشاعر بالنسبة له وأن تكون أغلب القرارات ذات نفع عليه وعلى غيره من المحيطين به.
«إذا جعلت سعادتك في تصفيق الآخرين، فالآخرون يغيِّرون آراءهم كل يوم» - مصطفى محمود.