د.محمد بن عبدالرحمن البشر
هناك أكثر من سبب يدعو البعض إلى الخوف مما قد يحدث في هذا الكون الذي أنعم الله به على الإنسان ليعبده حق عبادته، ومن تلك العبادة عمارته، ونشر السلام والخير والمحبة بين بني البشر، والرفق بكل ذي نفس، وعدم التفريط فيما منحه الله للإنسان من أرض وبحر ومناخ وغلاف جوي، وغير ذلك كثير، وأيضا ما منحه الله له من عقل يفكر به ليعيش الجميع على هذا الكوكب في محبة وراحة بال بقدر المستطاع.
وقدرة الإنسان العلمية الفائقة جعلته يستفيد منها في أعمال التقدم لما فيه الخير، وأيضا مع كل أسف للدمار والقتل وإلحاق الضرر بالطبيعة، والبيئة، والهواء، والماء، وما سوى ذلك، وهذا ليس جديدا، فهذا نهج قديم منذ أن استقر الإنسان وعاش في مجموعات معتمدا على الزراعة وتدجين الحيوان، وكان قبل تسعة آلاف عام يعتمد في غذائه على الصيد والالتقاط، بعيدا عن النزاع، وقد أحدث ذلك التغيير تغيرا جينيا مع مرور الزمن بما في ذلك قوة الأسنان، وربما هناك تغير سلوكي جعله يطمع في السيطرة، وحب الذات، مستخدما عدة وسائل منها السلاح، والمال، والمكر، والغدر، وغير ذلك. ويبدو أن ميكافيلي لم يأت بجديد في كتابه، سوى أنه قد سطر ذلك بوضوح بعد أن كان الإنسان لا يجرؤ على البوح بها متخفيا تحت سمة الفضائل، التي يتزين بها البعض، وقد تكون حقيقة واقعية عند البعض الآخر، داعين الله أن يمنح بني البشر مزيدا من الفضائل والتسامح وفعل الخير، لينعم الجميع بالأمن والرخاء.
قامت حروب تلتها حروب، وانتهى الأمر في القرن الماضي بقيام حربين عالميتين يعرفهما الجميع، وربما أن هناك من عاش الحرب العالمية الثانية وشارك فيها، وكانت حربا قاسية تفوق آثارها السلبية سابقتها بسبب أنواع الأسلحة المبتكرة، ومات بها ملايين البشر بغض النظر عن جنسهم، واستخدمت الولايات المتحدة فيها قنبلتين ذريتين صغيرتين، دمرت في دقائق آلاف البشر وهدمت جميع المباني وخلفت إشعاعا ما زال اثره على الأرض والبيئة والزرع والحيوان والبشر قائما حتى اليوم.
اليوم العالم يعيش على بركان من هذه القنابل فهناك أكثر من اثني عشر ألف قنبلة نووية أضعفها أثرا تفوق القنبلتين السابقتين اللتين استخدمتا في القرن الماضي الآلاف المرات، تمتلك روسيا منها ستة آلاف رأس نووي، وأمريكا خمسة آلاف، وفرنسا ثلاثمائة، وبريطانيا مائتين وخمسين والصين يقال خمسمائة، والهند ثلاثة وسبعين ومثلها عند باكستان، ويقال ان لدى كوريا الشمالية خمسة عشر، وهناك دولة لم تعلن عن شيء يقال أن لديها مائتي رأس نووي، كما أن هناك دول على العتبة النووية أي لديها القدرة أن تنتج في وقت قصير لكنها لم تفعل.
هذا البركان النووي كفيل بقتل كل شيء على الأرض وتدميره، فضلا عن أنواع أخرى من الأسلحة الفتاكة، والقنابل التي تزن عشرات الأطنان، وهائلة الاختراق والتدمير.
اليوم يواجه العالم حربا روسية - أوكرانية تتعداها إلى دول أخرى، ونار بين الهند وباكستان تشتعل ويطفئها العقلاء، وبلد في الشرق الأوسط تم احتلالها وطرد أهلها وحرب بين إيران وإسرائيل، ونزاع في أقصى الشرق بين الصين من جهة، وتايوان ومن يساعدها من جهة أخرى، أليس من حق العالم أن يخاف، لأن النار قد يشعلها من لا يقدر عواقب الأمور ولا يحسن التقدير، حفظ الله بلادنا وجميع الدول، والخيرين من البشر.