شروق سعد العبدان
أكان التيه عقوبة في يوم من الأيام البعيدة
في زمن ما لقوم ما ولسبب ما ؟!!
ماذا يفعل التيه بالبشر حتى يعاقبوا به.
حتى يكون الجزاء أشدُ من الضياع؟!
يحومون حول أنفسهم ما تبقى من أعمارهم عقاباً ومصيرا.
تتشابه عليهم الأرض والسماء.
حتى ماتوا في ذلك.. ماتوا وهم لم يعرفوا حتى متى كانت البداية..
لقد مات تائهون في صحراء واسعة لا نهاية لها لا بصراً ولا بصيرة..
غالباً نرى ظاهر الأشياء أملساً..
وعندما نخوضها يبدأ الشعور بالشوك والحجارة والوحل..
يحدث أن نشعر بأن المساحة الممكنة متاحة.. والامتداد كثير.. والحدود بعيدة..
لكننا لا ندري من أين نمضي ولا من أين نبدأ؟
تتشابه الاتجاهات ونكون في حلقة لا وضوح لها.
طرقات داخلنا غير واضحة..
والسير قد يؤدي لوجهة خاطئة ..
لكننا مجبرين على القرار ..
بأن نتخذ مخرجاً داخلنا نُعبدهُ ثم نرصفهُ ثم نمضيه.
نفهم بأن الاجتياز سيكون ممكناً رغم كلافته.
قد يكون القلب بوصلة معطوبة ولا يعني ذلك بأن العقل صالح للتبع..
لكننا محصورون بينهما رغم عدم الطمأنينة.
ولكن .. يجب أن يكون للمرء وجهة ليس شرطاً يملك هو خريطتها قد تكون الخريطة في خطوط كفّ شخص آخر..
يحمل معه وجهتك وتعتلي به وجهاتك..
ولا تخوض الزمن إلا برفقته..
أكثر العاقلين مجانين في مكان آخر.
وأكثر الناضجين حمقاء مع شخص آخر.
هذا هو الطريق الذي ستمضيه والنور الذي تستدل به.. وخطوط الطول والعرض التي ستكون عليها فصولك..
هذه هو قوانين المساحة التي تناسبك..
لأن المرء منا أعظم ماقد يواجه . هو أن يظلّ تائهاً.
خاصةً إن كان شخصاً لا يحب أن تُعلن هزائمه.
تراه يريد أن يراه الجميع منتصراً..
وهذا ما يتعبنا ويكسر مجاديف قواربنا.
الصبر والتظاهر ونحن داخلنا متهالكون..
لهذا نرى البعض يتوه بموت أحدهم أو فراقه أو سفره أو غيابه..
لماذا؟
لأن البوصلة معه والنور معه وخطوط الطريق معه.
وهذا ليس ضعفاً.. المرء يأنس بالصاحب والرفيق وعلى هذا جُبلنا..
الوحدة ضياع حتى وإن كنا نكابر بأننا أفضل وحيدين..
ألا تشعر بأن المكان غالبا ما يكون مليئا وداخلك فارغ وكأن لا أحد غيرك.
وأحياناً يكون داخلك مليئا والمكان فارغ وكأن الدنيا كل الدنيا معك.
فعندما تاه القوم في صحراء كبيرة فهو ليس تيه مكان فقط، بل تيه وجهة وزمن وألفة..
وهذا عقاب نفس مرير لا أحد يستحق أن يعيش تائهاً ..
فكن معي يا من تحمل في كفيك خرائطي..!