خالد بن حمد المالك
لا يستبعد الرئيس الأمريكي من انخراط جيشه في الحرب الإيرانية الإسرائيلية، ويحذّر من أن الأسبوع القادم سيكون أسبوعاً صعباً، ولا يكتفي بذلك بل يشير إلى عدم استبعاد تغيير النظام في إيران، وحين سئل عن مصير المرشد الإيراني اكتفى بالقول: حظاً سعيداً، وطالب إيران بالاستسلام دون شروط.
* *
روسيا سارعت من جانبها إلى التصريح على لسان نائب وزير الخارجية بالقول إن روسيا ستكون طرفاً فيها إذا ما انجرت أمريكا مباشرة إلى الدخول فيها، فيما قال الرئيس الفرنسي: إن على الطرفين إيقاف القتال، والذهاب إلى الحوار، وأن لا حوار بينما يتواصل القتال، وزاد على ذلك بأنه يستحيل تغيير النظام الإيراني من الخارج، وخاصة في الشرق الأوسط الذي جُرب وفشل من قبل.
* *
أجل: يبدو أننا أمام أيام مستقبلية صعبة، فإيران تملك من القوة والقدرة ما يمكنها من التصدي لاعتداءات إسرائيل، وإنزال خسائر لم تعتد على مثلها في كل حروبها السابقة، رغم بدئها في الضربات الموجعة المفاجئة التي قتل فيها أهم القيادات العسكرية والنووية في إيران، ودمرت بعض المنشآت لديها، ووجود قوة عسكرية واستخباراتية لها داخل الأراضي الإيرانية.
* *
ومن المؤكد أن إسرائيل لم تقدر حجم القوة لدى إيران،التي تصمم على مواصلة القتال انتقاماً للعدوان الإسرائيلي المباغت، وللضحايا الذين قتلوا غدراً، بينما كانت طهران وواشنطن تواصلان المباحثات لإنهاء أزمة النووي، والابتعاد عن المسارات العسكرية.
* *
وليس من المصلحة دخول أمريكا طرفاً مباشراً في القتال دعماً لإسرائيل، حتى لا تفتح الطريق لدول أخرى للمشاركة، وتوسيع رقعة القتال، وامتداده ليشكل تأثيراً على أمن واستقرار المنطقة، وربما قاد إلى حرب عالمية ثالثة، لن تكون دول العالم في مأمن من آثارها السلبية.
* *
لقد نادى العقلاء والحكماء إلى معالجة الأزمة على النحو الذي يجنب المنطقة والعالم ويلات الحرب، ودعوا إلى إحياء فرص الحوار بين أمريكا وإيران، بالتزامن مع وقف كامل وغير مشروط بين إيران وإسرائيل، والبحث عن مخارج مرضية لكل الأطراف لحل مشكلة النووي وتعقيداتها، وما زال هذا توجههم، وعلى أمريكا تحديداً التجاوب معه.
* *
إن سحب أمريكا لكثير من قواتها من المنطقة لحمايتها من الضربات الإيرانية المتوقعة إذا ما دخلت واشنطن طرفاً بالحرب، وتفريغ سفاراتها وقنصلياتها من غالبية العاملين فيها، لا يشجع على تثبيت الاستقرار في المنطقة، وإنما يفصح عن النية الأمريكية للعمل على تصعيد الأزمة، خاصة وروسيا تؤكد بأنها سوف تدعم إيران بالكامل.
* *
لقد آن الأوان للعمل على ما يساعد في انفراج الأزمة، وأن يكون التدخل محايداً ودون الانحياز لطرف دون الآخر، وأن يحاسب المعتدي، وفقاً للمعطيات المؤثرة والمؤكدة عن أسباب هذه الحرب والبادئ فيها.
* *
وما لم يكن هذا هو التوجه، فلن يكفي إيقاف القتال بشكل مؤقت، ولا قبول إيران بالتخلص من التخصيب وصناعة القنبلة النووية، خاصة إذا تمت مراجعة سلوك إسرائيل في العدوان والحروب، وأطماعها السياسية، ووجود من يدعمها من أمريكا والغرب، دون وجه حق.