خالد بن حمد المالك
لم يكن كاتباً رياضياً فحسب، ولكنه كان كل الرياضة، لاعباً، وحكماً ومؤرِّخاً، ومحرِّراً رياضياً، وكان صاحب أقدمية في الانخراط في هذا المجال، فنشر إبداعاته، ورؤاه، وأفكاره، وظهر متفرداً ومتميزاً منذ بداياته، وجاء شغفه في المجال الرياضي في سني عمره المبكر، فجدد، وابتكر، وقدم ما لم يقدمه بقية زملائه من الصحفيين الرياضيين.
* * *
هذا هو أمين ساعاتي، الذي وثَّق المسيرة الرياضية في المملكة، وأصبح مرجعها، ومؤرِّخها، معتمداً على المصادر المكتوبة، أو عن طريق التدوين الشفهي من الأحياء المؤسسين للحركة الرياضية في بداياتها الأولى، فجاء جهده صادقاً، وأميناً كما هو اسمه، ومقدراً من كل من يبحث عن الحقيقة، دون أن يتحيز، أو يدفعه الانتماء الرياضي، ليقول ما يخالف الحقيقة والواقع.
* * *
فقيدنا الغالي الدكتور أمين ساعاتي لم يقف طموحه عند تميزه في المجال الرياضي، وإنما امتد إلى إكمال دراسته وهو في قمة عطاءاته في الكتابات الرياضية حتى أنهى دراسته الجامعية ثم الماجستير والدكتوراه، ومن ثم التفرغ الجزئي للكتابة والتأليف في التاريخ والأدب والاجتماعيات والاقتصاد بنفس طويل، ودون توقف إلى أن مات -رحمه الله.
* * *
لقد فاجأني خبر وفاته متأخراً من شقيقه الصديق الدكتور عبدالإله ساعاتي، فتأثرت لذلك، وحزنت لغيابه، وكدَّر خاطري أن يصلني خبر وفاته متأخراً، وهو الذي كان ملء السمع والبصر، أخاً وصديقاً وزميلاً، ورجل مواقف، وأحد النابهين في جيله، المؤثّرين في كل موقع أسند إليه، أو عمل قام به، أو وظيفة كان فيها مسؤولاً، لكن هذه الحياة لا مستقر فيها للإنسان إلى الأبد.
* * *
وسنظل ما حيينا نذكر الدكتور ساعاتي بالخير، ونستذكر إنجازاته فيما لم يُسبق إليه، وأعني به تسجيله تاريخ الحركة الرياضية بالمملكة، وفق الأصول المهنية والأكاديمية، بما كلّفه الكثير من الجهد والوقت والعمل على مدى سنوات عمره، حتى رأى عمله وعطاءاته مرجعاً يشار إليه بالبنان لمن يريد أن يتعرّف على ما خفي عن هذا التاريخ.
* * *
تزاملنا معاً، وربطتنا علاقات وطيدة، فآنسنا بأحاديثه، وظل وفياً، يسأل، ويطمئن، ويستفسر، ويكثر من الاتصالات، بروحه المرحة، وتعليقاته بما فيها من مداعبات كثيرة، وهكذا هو أمين ساعاتي الذي ظل بهذه الصورة الجميلة إلى أن وافته المنية.
* * *
رحم الله فقيدنا الغالي، وأحسن الله عزاء أهله وذويه، وجبر مصيبتهم في فقيدهم، وجعل مثواه في جنات النعيم، ولا شك أن الحركة الرياضية تحديداً خسرت بوفاته، ولكن العوض أنه ترك إرثاً كبيراً من المعلومات الموثقة عن تاريخ الرياضة في المملكة، بما سيجعله حاضراً، وفي ذواكر الجميع.