محمد العويفير
في أول ظهور له في البطولة نجح المنتخب السعودي في تحقيق أهم ما يمكن تحقيقه في المباراة الأولى وهو الفوز ، ورغم أن الأداء لم يكن مقنعًا بالشكل الكافي، وشهد الكثير من الارتباك والتسرع في التمرير واتخاذ القرار، إلا أن النقاط الثلاث كانت هي الأهم، لأنها تضع الأخضر في وضعية مريحة نسبيًا في سباق التأهل إلى الدور الثاني، لسنا غرباء عن هذا المشهد، كثيرًا ما يبدأ المنتخب السعودي مشاركاته الدولية بأداء مرتبك، التوتر في أول مباراة للمنتخب أمر متكرر، وكان لهذا الظهور السبب الأكبر في كثير من البطولات الخروج مبكراً منها ، والنماذج كثيرة سواءً كانت قارية أو دولية ، لكن المهم أن المنتخب عرف كيف يتجاوز هذه المرحلة ويفوز ولو بأقل مجهود ممكن، ما نحتاجه الآن هو أن نرى تطورًا تدريجيًا في الأداء، وأن يتحرر اللاعبون من الضغط ويلعبوا بثقة أكثر، وأن يثبتوا أن الفوز لم يكن ضربة حظ، حتى وإن خسر من المستضيف تبقى حظوظ المنتخب عالية جداً للتأهل.
* * *
في واحدة من أبرز المواجهات التي ستظل عالقة في أذهان الجماهير طويلاً، قدم الهلال أداءً خياليًا أمام عملاق الكرة الأوروبية ريال مدريد، فما رأيناه من الهلال أمام ريال مدريد ليس مجرد أداء جيد، بل كان تجسيدًا لشجاعة نادرة وفريق يعرف قيمته تمامًا، ولم يكن خائفًا، لم يتراجع، لم يدخل المباراة ليؤدي واجبًا ثم يغادر، بل لعب بندية وبثقة، ففي كثير من فترات المباراة شعرت أن الهلال كان يستحق أكثر، ولم يكن الفارق في الإمكانيات واضحاً كما يُفترض حين يواجه فريق سعودي أحد أكبر أندية العالم، بل على العكس بدا الهلال في لحظات كثيرة أقرب إلى التسجيل، وأقرب إلى السيطرة، وأقرب إلى أن يترك بصمة لا تُنسى، هناك لحظات في كرة القدم لا تُقاس بالنتيجة، هناك مباريات تبني سمعة وتصنع هيبة وتخلق صورة ذهنية جديدة عن فريق أو حتى عن دوري كامل، فما قدّمه الهلال أمام ريال مدريد هو أحد تلك اللحظات، فلم يعد الحديث عن أن الأندية السعودية تطمح للمنافسة على مستوى عالمي أمرًا نظرياً أو تسويقاً إعلامياً، بل واقع رأيناه بأعيننا، فالهلال لم يكن أقل من ريال مدريد من حيث الإيمان بالنفس، وهذه النقطة وحدها تساوي الكثير، أن تواجه فريقاً بهذا الحجم وتلعب أمامه وكأنك معتاد على هذه الأجواء، فهذا تطور ذهني كبير جداً.
الأثر الأهم لهذه المباراة ليس فقط ما حدث داخل الملعب بل ما سيتبعه خارجه، الهلال أظهر وجهاً مشرفاً للكرة السعودية، ورفع سقف التوقعات لما يمكن أن نقدمه على المستوى العالمي، فالأندية السعودية بعد هذا المستوى لن تجد صعوبة في إقناع اللاعبين الأجانب بالانضمام لها، فالمشروع السعودي أصبح أكثر إقناعًا لأنه لم يعد مجرد طموح مالي، بل أصبح مدعومًا بأداء فعلي داخل المستطيل الأخضر.
رسالتي:
إذا حضرت الشجاعة سقطت الفوارق، وانكشفت الأساطير، وتكلم الواقع بلغة جديدة.
** **
- محلل فني