طفلة النفيعي
عندما نستعرض الإرث الثقافي والتاريخي للمملكة العربية السعودية والجوانب المميزة والفريدة التي حباها الله تعالى أياها وتعد عاملاً مهماً من العوامل الجاذبة والتي تسهم في تعزيز الوعي الثقافي لدى الزائرين والسائحين من داخل مملكتنا الحبيبة ومن خارجها فلا غرو في ذلك لما تزخر به من تنوع جميل أخاذ لمصادر الثقافة والعادات والتقاليد الاجتماعية الأصيلة على امتداد الخارطة الجغرافية المكانية للوطن العزيز من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وبالتالي فإن انعكاس هذا التنوع والمخزون الثقافي يشكل تأثيراً إيجابياً كبيراً على الانتعاش الاقتصادي والحركة التجارية للمناطق السياحية وكذلك تنمية الحراك الثقافي الإبداعي وإقامة المعارض والمتاحف التي تُقام وتتحدث عن هذا المخزون الثقافي والحضاري في المملكة بأشكاله الفنية والأدبية المتعددة للفنون؛ كالمسرح - الشعر- الآثار- الأزياء- الطهي- الرقصات الشعبية- الحرف اليدوية- حياكة الملابس والمنسوجات المحلية الجميلة والتي تتميز به كل منطقة من مناطق مملكتنا الحبيبة وهذا مما لا شك فيه يعد في عصرنا الحاضر قوة من القوى الناعمة التي تعزِّز من صورة المملكة في الإعلام الخارجي وعند الأمم الأخرى من خلال التصور الكامل والإطلاع المباشر من قبل السائحين والزائرين للمملكة العربية السعودية وهذا لا يتم لولا الله ثم دعم القيادة الحكيمة ممثلةً في وزارة السياحة والآثار التي تسعى جاهدة بتذليل الصعاب وتوفير جميع سبل الراحة والأمان أمام الزوار والسياح بمختلف جنسياتهم ولغاتهم وكذلك للمواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة لاكتشاف المزيد من جمال الطبيعة والبيئة التي يجد فيها الزائر والسائح الأُنس والمتعة والراحة كما يحقق من خلالها الشغف الذي يجعله يكتشف في كل مرة شيء جديد ومختلف! وكل ما ذكرناه يعد من مستهدفات رؤية السعودية المباركة (2030) والتي رسم مستقبلها الزاهر سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ولعلنا في هذه الإشارة نعرج على أهم أنواع السياحة للذكر وليس للحصر ومنها:
* السياحة الشعبية.
* السياحة الداخلية.
*السياحة العمرانية.
* السياحة الترفيهية.
* السياحة الثقافية.
* السياحة الدينية.
فلو أخذنا السياحة الدينية مثالاً منذ الأزل والتي عرفها الإنسان قبل 3000 للميلاد
فإن المملكة العربية السعودية شرَّفها الله تعالى- بوجود أطهر بقاع الدنيا على أراضيها الطاهرة مكة المكرمة والمدينة المنورة فالسياحة الدينية من أقدم أنواع السياحة، عرفتها الأمم المتقدمة والمتأخرة ونستثني من ذلك مناسك العمرة وفريضة الحج لأنها عبادة فرضها الله على عبادة، ولكننا هنا نستحضر التاريخ الديني الإسلامي من نزول الوحي على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو في غار حراء بجبل ثور بمكة المكرمة إلى أعظم هجرة عرفها التاريخ الإنساني وذلك حين غادر الحبيب المصطفى بيته وعشيرته الأقربين ووطنه الحبيب إلى قلبه عليه الصلاة والسلام مكة المكرمة مهاجراً إلى المدينة المنورة ليلة السابع والعشرين من شهر صفر سنة - 14 - من النبوة، يرافقه صاحبه وأول من أمن به وصدقه من الرجال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه وأرضاه- صديق عمره ورفيق الدرب في هذه الهجرة المباركة والتي يستلهم منها معاني سامية وعبراً ودروساً كمنهج واضح لحياة سعيدة لكل زائر وسائح لهذه الأماكن المقدسة ولعل من أهم المعاني العميقة المستفادة من الهجرة الشريفة: الإيمان بالهدف والرسالة، إتقان التخطيط السليم، الصبر -قوة الإرادة، التضحية- لا لليأس، الحب- حسن الظن بالله، الثقة بالنفس- الشجاعة، البحث عن البيئة المناسبة.
وفي الختام يتبادر إلى أذهاننا في هذه اللحظة ذكر السياحة في قول الله تعالى: {فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} (التوبة: 2).