إبراهيم بن سعد الماجد
بين رحلة الذهاب ورحلة الإياب أقل من أسبوع، لكن بين العمل لرحلة الذهاب ورحلة الإياب عمل متواصل طوال عام، من أجهزة الدولة المختلفة، بل اجتماعات من قمة الهرم، كل ذلك في سبيل تحقيق الراحة والسلامة لضيوف الرحمن.
وقفتُ على صعيد منى وعرفات ومزدلفة، ورميت، وطفت بالبيت وسعيت، وفي كل خطوة كان الاندهاش يصحبني، هذا الإعجاب ليس وليد اليوم، ولكنه يتنامى عاما بعد عام، لما يحصل من تطوير وتنظيم لا يمكن لدولة في العالم أن تقوم به. فقد كتبني الله هذا العام 1446هـ أن أكون في موكب الحجيج، هذا الموكب الذي له من المهابة مالا لأي موكب آخر، فعلى الرغم من أن الركب لباسهم واحد، وصوتهم واحد، وهدفهم واحد، إلا أنهم يحملون من الهيبة الشيء الذي لا يمكن أن يتصوره متصور. كل الركب سواء، لا فروقات ولا طبقيات، لا أحد يدعي مكانة، ولا مكانة ترفع.. الأكثر مهابة الأكثر إخباتاً.. الأكثر تذللاً لله العزيز الحكيم. بجوارك كبير قوم. كثير مال.. غزير علم.. رفيع منصب.. لكنهم في هذا الركب وهذه المواقف أذلاء بين يديِّ المولى ملك الملوك، الجميع يريد الفوز برضاه. الجميع يريد النجاة.. الجميع يريد أن يعود لأهله كما ولدته أمه، لا كما رفعه علمه أو حسبه، ونسبه وماله وجاهه.
في هذا الموكب سؤال الجميع أن يبدأ من الصفر طاهرا من الذنوب مطهرا من الأوزار والخطايا.. ذرفت دموع العارفين، وأخبتت قلوب الصادقين وتخلّت. في هذا الموكب صفت قلوب كانت ملوثة.. وذرفت عيون كانت جافة.. وصدقت ألسن كانت لغير الحق ناطقة.. وكل السؤال.. الثبات.. الثبات، ياله من دعاء فاز به من صدق.
في موكب الحجيج.. وفي كل الأمكنة والمواقف كان الدعاء لا يفتر لقيادة هذه البلاد المملكة العربية السعودية لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي العهد الأمين ولكافة العاملين ولهؤلاء الشباب المتطوعين وغير المتطوعين الذين يخدمون في كافة المرافق الصحية والتموينية والكشفية وغيرها.. يخدمون وابتساماتهم تعلو محياهم، لو أقسمت أني لم أر مقطبا حاجبيه لبررت.
وزارة الداخلية بكافة قطاعاتها وزارة الدفاع ووزارة الحرس الوطني والتجارة والاعلام ورئاسة أمن الدولة ووزارة الحج والعمرة ووزارة البيئة والزراعة والمياه والنقل، وكل الجهات الأخرى المساندة، كانت جهودهم عظيمة وكبيرة، وكان العاملون على قدر المسؤولية، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
عدنا ونحن نسأل الله الذي كتبنا في موكب الحجيج أن يجعلنا ممن كُتبوا في موكب العتقاء الأنقياء من الذنوب والخطايا.. عدنا ونحن نسأل الله أن يجعل ما تقوم به دولتنا في موازين حسنات قادتها، وأن يجعل الأجر العظيم والكبير من نصيب كل من عمل لخدمة ضيوف الرحمن، عدنا والشوق يحدونا لتلك المواقف العظيمة الشريفة.
في حديث لي مع نشرة الثالثة على قناة الإخبارية قلت: إن حملة (لا حج بلا تصريح) والتي تفاعل معها المجتمع بشكل لافت، قد حققت أهدافها، فلم نر مفترشا، وهذا انعكس على نظافة الأمكنة، وكذلك على سلامة الطريق، كما أن استفادة شؤون الحرمين من الذكاء الاصطناعي حقق نتائج مبهرة.
عمل تكاتفت فيه الجهود، فتحقق المبتغى، فالله الحمد والشكر.