خالد بن حمد المالك
من المبكر التنبؤ بالموعد الذي سوف تتوقف فيه الحرب بين إيران وإسرائيل، بعد التطورات التي أظهرت أن لدى إيران من القوة ما يمكنها من تبادل إلحاق الضرر مع إسرائيل.
* *
فإذا استثنينا اليوم الأول الذي كان مباغتاً، وقتل فيه العشرات من قادة الجيش، والعلماء النوويين في إيران، فإن باقي الأيام شهدت فيها إسرائيل خسائر كبيرة رغم التعتيم عليها، ومثلها فقد كانت إيران ساحة للتدمير.
* *
هذا يقودنا إلى القول: بأننا أمام أيام صعبة سيكون فيها تصعيد، ومحاولة كل طرف الإضرار بالطرف الآخر، وإلحاق الهزيمة به، غير أن هذا يمكن اعتباره من التمنيات والأحلام، فما زال الوقت مبكراً للاستسلام، والقبول بالأمر العسكري الواقع.
* *
وفي ظني أن مثل هذه المعارك ستبقى على هذه الوتيرة وأعنف، ضربات من هذا الطرف، يقابلها ضربات من الطرف الآخر، ما لم يكن هناك تدخل أجنبي بشكل مباشر، لأن مثل هذا سيغيِّر توجهات الحرب إلى أكثر مما هي بين إيران وإسرائيل.
* *
ولا بد من التنبيه بأن مثل هذا التهور إن حدث، وهذا الاندفاع إن تحقق، فسوف يوسع رقعة الحرب، ويزيد من آثارها المدمرة، وربما خرجت عن السيطرة، وربما امتدت إلى ما هو أكثر من منطقة الشرق الأوسط، وربما قادت إلى التهيئة نحو حرب عالمية، وحينئذٍ، لن تكون هناك دولة خارج لهب الحرب، أو في منأى عنها، أو لديها القدرة لتجنبها.
* *
هذه الحرب لم يكن هناك مبرر لها، فإيران تحت المراقبة، والسيطرة، ولن يكون بمقدورها إنتاج قنبلة نووية، وهي من جانبها تردد بأنه لا نية لديها لصناعة قنبلة نووية، وكان يمكن أخذ كلامها على عواهنه، فيتم الاتفاق معها على التثبت من هذا التوجه، ووضع قواعد ملزمة عليها، دون الذهاب إلى الحرب.
* *
لكن إسرائيل ضمن سياساتها لها مصلحة في مثل هذه الحرب، لها مصلحة في عدم استقرار المنطقة، ولها مصلحة بأن تكون منطقتنا في حالة حروب دائمة، وعادة ما تكون إسرائيل طرفاً أو البادئة فيها.
* *
على أن المسؤولية في تطويق هذا القتال، والحد من تصاعده، ومنع امتداده تقع أول ما تقع على الولايات المتحدة الأمريكية بتجنب دخولها في القتال من جهة، وإلزام إسرائيل بإيقاف ضرباتها لإيران من جهة أخرى، وترك حل المفاعل النووي للحوار بين واشنطن وطهران، ولن تمانع إيران كما أعتقد من وقف القتال من جانبها والذهاب إلى طاولة المباحثات.
* *
وبالتأكيد، فهناك دول أخرى مؤثِّرة يلزمها أن تكون شريكاً في إطفاء هذا الحريق، ومنع زيادة آثاره السلبية، وحماية المؤسسات المدنية، والمدنيين الأبرياء، من أن يكونوا حطب هذه الحرب المجنونة.
* *
وما لم يتم ذلك، وما لم يتوقف عدوان إسرائيل التي بدأت بالقتال، وفتحت أبواباً كانت مغلقة لهذا القتال الدامي، فإن المنطقة موعودة بما هو أسوأ، وإسرائيل وإيران من الدمار والقتلى بما لا سابق أن حدث لهما من قبل.
* *
كلنا أمل وتطلع ورجاء، أن يحتكم الطرفان إلى العقل، ويرجحا المصلحة على النزوات العنترية، إذ لا مصلحة في حرب كهذه، وإنما المصلحة في السلام والاستقرار وبناء الدولتين على النحو المرضي لمواطنيهما.