د. سطام بن عبدالله آل سعد
في مشهد كروي من طراز رفيع، دوّن الهلال اسمه في سجلات كأس العالم للأندية؛ بعد اقتناصه نقطة ثمينة من ريال مدريد في مباراة مثيرة انتهت بالتعادل بهدف لكل فريق. وقد كانت هذه المواجهة، بكل المقاييس، حدثًا استثنائيًا، ليس على مستوى الأداء فحسب، بل في الرسائل التي أوصلها الهلال إلى العالم: نحن لسنا ضيوف شرف، إنّما منافسون حقيقيون.
فالتعادل لم يكن مجرد نتيجة تُسجَّل في سجل البطولة، بل كان اختبارًا حقيقيًا لمكانة الفرق على الساحة العالمية. فرغم أن ريال مدريد يُعد من أقوى الأندية وأكثرها شهرة، فإن الهلال قدّم أداءً منظمًا ومتماسكًا جعله ندًّا حقيقيًا، لا خصمًا عابرًا. هذه المواجهة أكدت أن التفوق الكروي لا يُقاس بالأسماء أو التاريخ، بل بمن يفرض حضوره داخل الملعب ويحسن استثمار كل لحظة فيه.
غير أن هذا الإنجاز، بكل ما يحمله من رمزية وصدى إعلامي، لا ينبغي أن يتحوّل إلى حالة من التخدير الجماهيري أو التراخي الفني. فطريق البطولات لا يُرسم بلحظة مضيئة، بل يُبنى عبر مسار طويل من المواجهات والنقاط. والمطلوب الآن، بعيدًا عن الأضواء المؤقتة، هو التركيز على المباراتين المقبلتين أمام سالزبورغ وباتشوكا، فهما البوابة الحقيقية نحو التأهل إلى دور الـ16 والمضي قدمًا نحو الأدوار المتقدمة.
ما قدّمه الهلال من انضباط وتنظيم، يفتح الباب للحديث عن نضج تكتيكي بدأ يتشكّل تحت قيادة إنزاجي. لكن هذا النضج لا يكفي إن لم يُترجم إلى نتائج، فالتعادل رغم أهميته، لم يمنح الهلال سوى نقطة، ليبقى في المركز المشترك خلف المتصدر سالزبورغ.
ورغم أن التصدي البطولي لياسين بونو لركلة الجزاء شكل لحظة فارقة حفظت هيبة الهلال، فإن الانتصارات لا تُحسم باللقطات وحدها، بل بالأهداف المسجلة والنقاط المحصودة. وهنا تبدأ المهمة الفعلية لإنزاجي: حصد النقاط التي تضمن استمرار الفريق في قلب المنافسة حتى النهاية.
الجماهير الغفيرة التي احتشدت في مدرجات ميامي، والتي تجاوز عددها 62 ألف مشجع، تابعت مباراة كبيرة بكل تفاصيلها. لكنها - وعلى وجه الخصوص جماهير الهلال - تنتظر أن تتحوّل هذه اللحظة إلى بداية مسيرة انتصار، تُبقي الفريق حاضرًا في المشهد حتى صافرة الختام. فترتيب المجموعة الحالي يمنح الهلال فرصة حقيقية، والمصير لا يزال بيده، إن أحسن استثمار الفرصة بوعي وتركيز لا بعاطفة وانبهار. فالهلال قادر على أن يتحوّل من الفريق الذي أحرج ريال مدريد، إلى الفريق الذي ينافس على المراكز المتقدمة بجدية واستحقاق.
** **
- مستشار التنمية المستدامة