د. محمد عبدالله الخازم
صدر الأمر الملكي باستقلالية جامعة الملك سعود عن وزارة التعليم، لتصبح مؤسسة غير ربحية تحت مظلة هيئة تطوير الرياض، ثم تشكيل مجلس إدارتها الجديد عام 2022/ 2023م. كما أنه صدرت تصريحات سابقة تستهدف جعل جامعة الملك سعود ضمن أفضل الجامعات العالمية. بل إن طموح سمو ولي العهد -حفظه الله- الذي عبر عنه في أحد اللقاءات، أن تكون ضمن أفضل عشر جامعات عالمية. منذ ذلك الحين والجامعة تراوح في منطقة ما «بين بين» فلا نعلم هل استقلت كما خطط لها أم لا زالت مرجعيتها أنظمة وسلطات وزارة التعليم ومجلس شؤون الجامعات؟
ظاهر الأمور يشير إلى وجود صعوبات تعتري مرحلتها الانتقالية، رغم كل ما حظيت به من دعم وأبرزه ذلك التشكيل (المميز) لمجلس أمنائها الموقر. بالتأكيد هي مرحلة انتقالية لكنها طالت وتثير أسئلتنا، إلى متى وكم مدة المرحلة الانتقالية تلك؟ ماهي أبرز ملامح التحول التي تتجاوز مجرد الوعود بالاستقلالية والعالمية؟ متى نستطع القول إننا تجاوزنا التحول إلى الاستقرار على هوية جديدة تحقق طموحات القيادة بأن تصبح جامعتنا الأم ضمن أفضل جامعات العالم؟
أحد المؤشرات الداعية للتساؤل، هو ورود اسم الجامعة ضمن بوابة القبول الموحد للجامعات؛ مما يعني أنها لم تستقل ولم تطور أنظمة مستقلة أو فلسفة مستقلة في استقطاب طلابها. الأمر لا يتعلق بالقبول، بل يؤشر إلى أن فلسفة الجامعة الأكاديمية وبرامجها وخططها لم يحدث لها تطوير يختلف عن بقية الجامعات، وبالتالي، هي لا زالت قابعة في مرحلة (البين بين)، لا منتمية لمجلس شؤون الجامعات ولا مستقلة عنه!
المؤشر الثاني، ومع كل التقدير لقادتها الحاليين، على مدى السنوات الماضية لا يزال البحث مستمراً عن رئيس أصيل للجامعة وليس مجرد مكلف. هذا مؤشر يوضح معاناة الجامعة في مسألة التحول وتردد مجلس أمنائها، أو معاناته، في حسم أهم ملف يمكن البدء فيه ويتمثل في تعيين قيادة تقود مرحلتها الانتقالية. لا أدري هل يتعلق الأمر بالبحث عن قائد أم البحث عن رؤية على ضوئها يتم استقطاب قائد يدير تحول الجامعة!
سأعترف كذلك، بأنه لفت انتباهي مؤخراً حفل تخرج طلابها وطالباتها لهذا العام والذي بدا لي أنه لا يعكس هوية أو (شخصية) متطورة بقدر ما هو اجتهادات متواضعة. طبعاً، الأمر هنا يحمل وجهة النظر الفنية والذوقية، أتجاوز تفاصيلها وأكتفي بالإشارة إلى مناسبات الجامعة الكبرى للجامعة -بما فيها حفلات التخرج- تحمل دلالات ورسائل فكرية وتنظيمية وثقافية، لا يمكن إغفالها!
ختاماً، سبق أن كتبت مقترحات، في هذه الزاوية، لتحول جامعة الملك سعود وليس وقت المزيد منها، بقدر ما هو وقت التساؤلات. حلقة التواصل شبه مفقودة مع منسوبي ومحبي الجامعة والنقاد والمتابعين. نسعد عندما نرى المسؤول يعقد لقاءات مع المبتعثين في كل العواصم، لذا نوجه دعوة من مبدأ «الأقربون أولى باللقاءات»، بعقد لقاءات مفتوحة مع أساتذة وطلاب وخريجي ومحبي جامعة الملك سعود تشرح لنا إلى أين نحن ذاهبون في تحولها ومستقبلها.
تمنياتي لجامعة الملك سعود -جامعتي التي تخرجت منها- بالتميز والتفوق، دائماً.