م. بدر بن ناصر الحمدان
يكتنفي شعور بأني تنازلت قسراً عن «أيام» و»أماكن» ما كان يجب أن أسمح بمغادرتها لي، لا أدري كيف افترقنا كحلم هارب، مرّ بها الزمن بغتة، دون أن ندري، لقد ضاعت وأنا أراقبها تضيع، تركتها تتوارى، دون أن أمتلك جرأة المحاولة الأخيرة من أجل البقاء، هكذا أنا، دائماً ما أرفض المضي في طرق بلا اتجاه، لطالما كنت عنيداً ومُعتزاً بقرار يأخذني إلى «أيام» و»أماكن» تشبهني.
يختبئ بداخلي ركام من الأشياء، لا يمكن أن أكتب عنها عنوة، أخشى أن تعود بذلك الثائر الذي اتفقنا أنا وهو أن يبقى متوارياً لما تبقى من الرحلة، ولكني أحياناً أسمح لها أن تمر بين سطور عابرة، فأنا لا أعود إلى ما تركته خلفي من «أيام» و»أماكن»، هذا هو ثمن العبور ليوم آخر، ما زلت كما أنا، أعشق السير وحيداً، والعيش في أماكن لا تشبه أحد، أبحث «عني»، على سبيل أن نلتقي ذات يوم، كأمنية قديمة ظلّت الدرب في مساء هارب، ولم يجدها أحد.
لا شيء يلفت انتباهي سوى أولئك الغرباء الذين ألتقيهم على أرصفة العبور، لأني مثلهم، جميعنا حذرون من أن يعثر علينا أحد، ويعود بنا لتلك «الأيام» و»الأماكن» التي لم تعد تشبهنا.
عندما تغادرون، لا تعودوا مهما كلفكم الأمر.