د.نايف الحمد
لم يكن مساءُ الأربعاء الماضي مساءً عاديًا، حين واجه الزعيم العالمي أعتى أندية أوروبا وأكثرها حصولًا على بطولات القارة الأوروبية وبطولة أندية العالم، النادي الملكي ريال مدريد.
في ذلك المساء، استذكر الموج الأزرق مجده، واستنهض إرثه الكبير، فكتب سطرًا جديدًا في ملحمته البطولية التي بدأت عندما بزغ فجره في يوم مولده. ولم يلبث ذلك الوليد كثيرًا حتى سبق عمره وجاوز عصره؛ فكتب تاريخه على صفحات بيضاء، كان عنوانها الأبرز الفخر، والعز، والشموخ.
في الموعد الكبير، استيقظ الحُلم الكامن في العقل الباطن لدى الهلاليين؛ لأن أحلامهم لا تموت، وإن حال دونها حائل..!
فلربما ظنّ البعض أن ظروف الهلال ستقتل حلمهم، غير أن آمالهم لا يمكن أن تغيب؛ سيتمسكون بها، ويعملون من أجلها، وهم يؤمنون بقدرتهم على تحقيقها، لأن الأحلام الكبيرة لا يمكن أن تتحقق إلا لمن امتلك الرؤية، والشجاعة، والتضحية التي لطالما تحلّى بها أبناء هذا النادي العظيم.
في لقاء سيّد أوروبا ريال مدريد مع زعيم القارة الآسيوية، ظهر الموج الأزرق بأجمل صورة، وتجلى على سواحل ميامي، فأغرق (الميرينغي) وأربكه، وبدا في حيرةٍ من أمره أمام طوفانٍ أزرق لا يهدأ، وسط ذهول الملايين من المتابعين حول العالم.. كان الجميع يعتقد أن الهلال سيكون لقمة سائغة لريال مدريد، بعد موسمٍ تكالبت فيه الظروف على الزعيم، حتى أنه لم يتمكن من تعزيز صفوفه ولو بصفقةٍ واحدة قبيل المونديال.. وحدهم الهلاليون كانوا يثقون بفريقهم، وبقدرة نجومهم على حمل تاريخ هذا النادي على عواتقهم، وتحمل مسؤولية هذا الظهور الكبير في أهم المناسبات الكروية للأندية في تاريخ كرة القدم العالمية.
على شواطئ ميامي، وفي ساحة هارد روك، اكتمل الهلال بدرًا، ولم تحجبه شمس ميامي الحارقة، بل بدا لعشاقه وللعالم بوجهه الجميل، فنشر شعاع ضوئه، فخطف الأبصار، وأصاب العالم بالذهول!
فقد بسط سطوته على خصمه الكبير، ولعب بشخصيته التي لطالما كانت السمة الأبرز له في مواعيده الكبرى ونزالاته الحاسمة.
نقطة آخر السطر:
في مسيرة الهلال، سيحكي التاريخ الكثير من صفحات المجد، وما يفعله هذا المارد الأزرق، وهو يعيش أسوأ مواسمه، يمنحنا الكثير من الفخر ببطلٍ لا يعرف الانكسار؛ وإن سقط، سقط واقفًا، متكئًا على إرثٍ عظيم، وجماهيرَ عاشقة، قادرة على النهوض به سريعًا.
لله درّك يا زعيم، فما زلتَ بلسمًا لقلوب عشاقك، وواحةً غنّاء يلتقط منها المحبّون أكاليل من الورد، وينسجون منها أحلامهم.