كوثر الأربش
كلنا نمضي في هذه الحياة، مدفوعين بالأمل.. جبلنا على كره المنغصات، خلقنا جزوعين من الضرر والعوائق والمشكلات..
نتابع أخبار المشاهير والناجحين وصناع الثروات، ونتخيل كيف مضت بهم الحياة بطريقة أكثر يسرًا مما واجهتنا به!
لا يا صديقي..
الفرق بين من وصل لغاياته ومن لم يصل، ليس أنه لم يواجه عثرات، بل الفرق أنه تمكن من التعامل معها.. إن حياتنا مرهونة بقدرتنا على التصدي لمنغصات الحياة، إيجادنا للحلول، بصيرتنا وقت الظلام. إن من يستسلمون للظلام لا يعمون، بل يموتون!
وإن كنت تعتقد أن الموت هو انقطاع النفس تكن مخطئا، الموت هو فقدان القدرة على القفز على المشكلات..
وما يُعقّد الأمر أكثر هو أنه كلما تقدمت في التجربة حصدت نجاحًا، كلما حزت رقمًا في عداد إنجازاتك، كلما تكالبت عليك الظروف.. أنا لا أحاول تخويفك، أنا فقط أحاول أن أشرح لك خارطة الغد، كي تكون مستعدًا له..
هل تعرف متى يشيخ الإنسان؟
عندما يكون رقم المشكلات أكبر من رصيده في المقاومة.. نحن لا نعيش بالهواء بل بالمقاومة.. إن توقفت عن المقاومة بنت العنكبوت عليك بيتها.. صرت شجرة عارية وجافة..
وقت المشكلات الكبرى لديك مساران:
إما أن تضيء شمعة أو تتخيلها، فإن اخترت الأخيرة فإنك ستجد دكاكين بيع الوهم في كل مكان. وباعته ينادونك بصوت ينومك: على عشرة.. على عشرة!
ولأن جيوبك فارغة، وروحك فارغة، فإن ما يبيعونه يبدو مشبعًا و رخيص الثمن في ذات الوقت.. فتشتري من هذا وهما، ومن هذا خرافة.. تارة يخبرونك أنك المختار، وأنك من عمال النور، أو أنك حبيب الله لهذا يبتليك! فبدلاً من أن تشعل شمعة حقيقة تنير طريقك، تتخيل أنك الشمعة وأنك الطريق!
إن الله لا يعذب أحباءه، تلك تنويمة المساكين، بل قال في محكم كتابه: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.
إن باعة الوهم بدلاً من أن يتركوك تبصر النور في داخلك، يدفعونك لنسيان داخلك! يزيفون واقعك، يتركونك في بركة الندم والخوف والمزيد من الضياع والحزن..
وهنا، من هذا الموقع بالتحديد، يتميز العظماء.. إنهم يحزنون مثلنا، يكاد لهم مثلنا، تأتيهم المشكلات والخسارات.. لكنهم لايذهبون لباعة الوهم.. ولا يشترون الخرافة.. إنهم بكل شجاعة.. يشعلون شمعة.