عبدالله إبراهيم الكعيد
أعني الحرب الدائرة هذه الأيام بين الكيان الصهيوني المجرم وإيران؛ فبالإضافة لإطلاق الصواريخ ذات الرؤوس المتفجرة التي يتبادلها الطرفان ودك المواقع والمنشآت الحيوية، هنالك صواريخ أكاذيب متبادلة ميدانها وسائل الاتصال الجماهيرية يستخدمها ضباط إدارات التوجيه المعنوي بالجيش الاسرائيلي والحرس الثوري الإيراني.
في تلك الحرب، كما يعرف الجميع، لا توجد خطوط مواجهة مباشرة بين الجيشين إذ يفصل ما بين أرض إيران شرق الخليج العربي وأرض فلسطين المحتلة دولتان عربيتان (العراق والأردن) ومساحات شاسعة من الصحاري والقفار، فالتقاء جنود المشاة بمعداتهم العسكرية برياً غير ممكن.
مع هذا، خرج أحد قادة الحرس الثوري مهددا إسرائيل بأن إيران لم تستخدم بعد القوات البريّة والبحرية!
في المقابل، يقول قادة جيش الصهاينة بأنهم حيّدوا (دمّروا) ثلاثة أرباع منصات اطلاق الصواريخ الإيرانية ولم يتبق إلا الثلث. رد عليهم رئيس لجنة الأمن القومي في (البرلمان) الإيراني إبراهيم عزيزي بالقول أن خسائر تل أبيب كبيرة جداً إلى درجة أنها تخشى الإعلان عنها. وقال واثقاً بأن إيران دمّرت معظم المراكز العسكرية في إسرائيل.
إذاً هنالك مسار آخر للحرب العسكرية يتمثل في الحرب النفسية، والذي يتم فيه استخدام أسلحة زعزعة الثقة وتدمير المعنويات. يجوز في ذلك المسار (حسب قادة الجيوش) استخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، بما في ذلك الكذب والتضليل والخداع.
سمعنا من قادة الحرس الثوري ومن قادة جيش الدفاع الإسرائيلي نداءات عبر وسائل الإعلام والاتصال يطلبون فيها من المواطنين في كلا البلدين إخلاء مناطق معينة حتى لا يتعرضوا للقصف. قد يتم القصف وقد لا يتم، ولكن يتحقق هدف تدمير معنويات المواطنين ونشر الرعب والخوف، وبالتالي انهيار الجبهة الداخلية الأقل معنوياً والأكثر تفككاً.
الحرب النفسية لم تك وليدة اليوم فقد تم اللجوء إليها في حروب كثيرة، وأبرز مثال تاريخي نجحت فيه الحرب النفسية وحققت انتصارا ًكبيرا ًكان في الحرب العالمية الثانية وتحديداً في معركة سقوط فرنسا واحتلالها من قبل قوات المانيا النازية عام 1940. تم في تلك الحرب تدمير معنوي ممنهج من خلال برامج الدعاية والإعلام التي تبثها الإذاعات الألمانية الموجهة.
حوت تلك البرامج رسائل اتصالية للمواطنين والجنود الفرنسيين تتهم فيها قادتهم بخيانتهم وأن لا أمل في الانتصار وتطالبهم بالاستسلام كي لا يتعرضوا للموت والدمار بجانب ضخ رسائل تهوّل من قوة وقدرات جيش ألمانيا النازية.
صفوة القول: إذا كان الكذب ممقوتا وقت الرخاء والسلم فهو أداة نافذة المفعول أوقات الحرب. ألم يقل وزير دعاية الرايخ جوزيف جوبلز «اكذب واكذب حتى تُصدّق».