د. تنيضب الفايدي
صدر كتاب (منجم مهد الذهب خلال طبقات التاريخ) للدكتور/ تنيضب الفايدي، وهو كتاب موثق يتحدث عن تاريخ استخدام النقود الذهبية، كما يتحدث عن تاريخ استخدام منجم مهد الذهب من فترة ما قبل الإسلام إلى العصر الحالي، فمنجم مهد الذهب (معدن بني سليم) من أشهر المناجم في وطننا الغالي، ويتضح من الكسر الفخارية المنتشرة في الموقع أن منجم مهد الذهب كان مورداً اقتصادياً مهماً في كلّ عصرٍ من العصور، وهو دليل مادي على العمق الحضاري لإنسان جزيرة العرب، وفي كلّ عصر أصبح منجم مهد الذهب مرتبطاً باقتصاد تلك الدولة، وقد جاء ذكره مفصلاً في هذا الكتاب وهي كما يلي بالاختصار:
الطبقة الأولى: منجم مهد الذهب قبل الإسلام
يمتد تاريخه إلى عهد نبي الله سليمان - عليه السلام - حيث كان يستخرج منه معدن الذهب؛ فقد ظهر بتحليل ما تبقى من مخلفات التعدين في المهد بأن هذا يرجع إلى 961 قبل الميلاد، وهذا يتفق مع فترة نبي الله سليمان - عليه السلام -.
الطبقة الثانية : منجم مهد الذهب في العهد النبوي
مهد الذهب كان ديار بني سليم فهم كانوا يسكنون فيه في زمن النبي، لذا سميت معدن بني سليم نسبةً إليهم، وقد قامت قبائل بني سليم باستغلال المعدن في ذلك العهد كما ورد في عدة أحاديث.
الطبقة الثالثة : منجم مهد الذهب في عهد أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-
ذكر أنه كان يؤتى بمحصول المنجم للخليفة الراشد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- ليوزعه على المجاهدين، كما ورد أنه كان يؤتى بمحصول منجم مهد الذهب للخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وإن كان إنتاجه قلّ في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
الطبقة الرابعة: منجم مهد الذهب في الدولة الأموية
يبدو أن مهد الذهب أخذ مكاناً مرموقاً في عهد الدولة الأموية والعباسية، فالأمويون كانوا يعينون عمالاً على المعدن، فالطبري وابن الأثير يشيران إلى أنه في سنة 128هـ/ 745م كان كثير بن عبد الله عاملاً على معدن بني سليم . ويقول عنه الهمداني : إنه معدن المحجة لوقوعه على طريق بين العمق وأفيعية.
الطبقة الخامسة: منجم مهد الذهب في الدولة العباسية
في الدولة العباسية لقيت منطقة مهد الذهب اهتماماً خاصاً، فإن الشواهد الأثرية تدل على أن المعدن استغل بشكل مكثف في العصر العباسي المبكر خاصة في القرنين الثامن والتاسع الميلاديين، وبلغ إنتاجه في العهد العباسي 40 طنًا، وقدر حجم الأيدي العاملة في المنجم بحوالي عشرة آلاف عامل، فكان منجم مهد الذهب مورد اقتصادي مهم للخلافة العباسية، حيث تمكن هارون الرشيد من استخراج كميات كبيرة من الذهب والفضة من المنجم، وسكت العملات الذهبية والفضية.
الطبقة السادسة: منجم مهد الذهب في العهد العثماني
أما العهد العثماني فقد أقر خبراؤها بوجود الذهب وكانت هناك وثائق تدل على إنتاج المعادن ولم توضح الكمية المنتجة.
الطبقة السابعة: منجم مهد الذهب في العهد السعودي
ما أن أرسى الملك المؤسس عبد العزيز -رحمه الله- قواعد هذا الكيان الكبير سعت حكومة المملكة العربية السعودية جاهدة للأخذ بكلّ ما يحقق سعادة شعبها، ففي عهد الملك عبد العزيز -رحمه الله- وفي الفترة من 1939م - 1954م أنتجت نحو 23 طناً من الذهب و31 طناً من الفضة، والاستفادة الحقيقية من المنجم في هذا العصر بدأ في عهد الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- ثم من جاء بعده حتى العصر الحالي، وهكذا أصبح منجم المهد أكبر منجم لإنتاج الذهب في المملكة، إذ ينتج ما يقارب 100 ألف أوقية من الذهب و300 ألف أوقية من الفضة سنوياً.
وهكذا كان لمنجم مهد الذهب دور مهم اقتصادياً في جميع الطبقات المذكورة حيث أصبح مرتبطاً باقتصاد تلك الدولة.