سلمان بن محمد العُمري
على الرغم من الجهود المبذولة في تنمية الأوقاف في المجتمع، إلا أننا ما زلنا نسير ببطء شديد في تفعيل الوقف في المجتمع، وذلك بالنظر إلى حجم الأوقاف في المملكة، حيث نحتاج إلى مزيد من الرعاية والاهتمام والعناية بأموال الوقف وتنميتها لحفظها من الاندثار والجمود والتعطيل.
وأولى الخطوات المهمة في تفعيل النشاط الوقفي هو نشر ثقافة الوقف في أوساط المجتمع بكل شفافية ووضوح، والدولة -أيدها الله- حريصة كل الحرص على إحياء رسالة الوقف وزيادة استثماراته وغلاله، والإفادة من ذلك في برامج التنمية والأعمال الخيرية.
أمام الدعم الكبير من الدولة لقطاع الأوقاف، ورؤية المملكة الوثابة الرامية في تنشيط الوقف، وتقديم كل ما يعين على تحقيق النجاح والمكاسب للقطاع الوقفي باعتباره عنصرا رئيسا في التنمية، لقد آن الأوان أن تفتح آفاقاً جديدة في الأوقاف والقواعد المتعلقة بإداراتها واستغلالها وتحصيل غلاتها وصرفها بما لا يخل بشروط الواقفين وأحكام الشرع ووضع خطة عامة لاستثمار وتنمية الأوقاف ودراسة المشروعات الوقفية الحالية ومدى خدمتها للمجتمع، والنظر في طلبات استبدال الأوقاف الخيرية وفق مقتضيات المصلحة.
لقد كتبت عدة مقالات، وعملت عدداً من الدراسات البحثية كما عمل غيري للنهوض بقطاع الوقف في بلادنا، ومن ذلك دراسة: «ثقافة الوقف في المجتمع السعودي»، ومن بين التوصيات إنشاء شركات متخصصة في إدارة الأوقاف، كحل جذري لمشكلة إدارة الأوقاف والتي يفكر الكثيرون في إقامتها قبل مماتهم، ويكون هناك عقد بين الواقف والشركة، بحيث تشترط مع الواقف خصم جزء من إيرادات الوقف لصالح الشركة يدخل ضمن إيراداتها ثم تقوم الشركة باستثمار هذه الإيرادات والمتحصلات لزيادة أرباح الشركة وتقوية مركزها المالي، وفي حال أفلست الشركة لا تدخل هذه الأوقاف في أملاك الشركة التي تتم تصفيتها أو بيعها، وإنما الذي يباع ويصفى هو الشركة نفسها، كما يمكن لشركة أخرى أن تشتريها وتقوم بإدارة هذه الأوقاف من جديد وإعفاء المشروعات الوقفية الاستثمارية من الالتزامات المالية العامة.
وأوصت الدراسة باستقطاب أوقاف جديدة لما يجد من احتياجات المجتمع، والتعامل مع الأعيان الموقوفة على أساس من الخصوصية الشرعية التي لا تسمح بتملكها بالتقادم، وإدارة المشروعات الوقفية على أسس تجارية تنموية خيرية، وطرح مشروعات وقفية متعددة تلبي حاجات المجتمعات، وتفتح المجال أمام الراغب في وقف ما يظن أنه الأنسب، وإلغاء أسلوب تحكير الوقف، واستبدال صيغ استثمارية جديدة به أكثر تنمية أربعة.
المجتمع بحاجة ماسة لأن تقوم الأوقاف بدورها، وأن تسهم مساهمة فاعلة في التنمية، فدورها المأمول مجتمعياً لم يظهر للعيان حتى الآن وما زالت هناك أوقاف أهلية متعطلة وكثير منها لم يتم تحديث صكوكها فضلاً عن إحيائها والسبب أن الورثة والقائمين عليها لم يتمكنوا من تحقيق ذلك لأن الجهات المعنية لم تمد يد العون لهم.